ماذا نفعل بعد أن فقدنا 50% من إنتاجنا الزراعي بسبب التغيرات المناخية؟

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- حسام قره باش :

كانت سوريا تتصدر الدول العربية بأعلى نسبة من الأراضي الصالحة للزراعة مقارنة مع مساحتها الجغرافية الكلية، حيث بلغ مجموع الأراضي القابلة للزراعة حوالي 6 ملايين هكتار، المستثمر منها زراعياً قرابة 5 ملايين هيكتار، وتشكل الأراضي المروية 1,5 مليون هكتار والبعلية 3,5 مليون هكتار تقريباً.

وفقدت سوريا نتيجة التغير المناخي منذ العام 2008 حوالي 50٪ من إنتاجها الزراعي، وما زاد الطين بلة، السياسات الزراعية الفاشلة التي اتبعها النظام المخلوع الذي أدى إلى فقداننا نعمة الاكتفاء الذاتي ووضعِنا أمام تحديات وواقع زراعي صعب، يتطلب توجيه الاهتمام الحكومي للزراعة لإعادة سوريا على خارطة النمو الاقتصادي، وكما قال الرئيس أحمد الشرع في منتدى مستقبل الاستثمار 2025 بالسعودية “سوريا غنية بالفرص، وهي بلد زراعية والزراعة فيها مهمة جداً ولديها فائض عن حاجتها وفيها تقريباً 25 مليون نسمة وتستطيع أن تطعم 250-300 مليون شخص”.

هل نأكل مما نزرع؟

الخبير في الاقتصاد الزراعي وعضو مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك المهندس حسام القصار، أكد لـ “الحرية” أن مقولة “نأكل مما نزرع” لم يعد لها وجود على أرض الواقع إلّا بنطاق ضيق جداً كون أغلب إنتاج المحاصيل التي كنا نزرعها كانت تغطي احتياجاتنا وصارت فيما بعد لا تسد نصف أو حتى ربع حاجاتنا منها.

خبير: يجب اتباع خطوات إستراتيجية وسياسات زراعية جيدة ووضع برامج لدعم الفلاحين

وأكمل القصار حديثه بأنه لم يعد هناك ما يدعى بالاكتفاء الذاتي ،وأغلب منتجاتنا الزراعية لا تحقق ذلك، وبالتالي نضطر لاستيراد ما ينقصنا من المنتجات الزراعية والغذائية بشكل يفوق ما نصدره، وهو ما جعل ميزاننا التجاري الكلي سلبياً.

وقال خبير الاقتصاد الزراعي: تراجعت مستويات الاكتفاء الذاتي بحيث لم تعد كما كانت ولاسيما في المحاصيل الإستراتيجية كالقمح والشعير والقطن والشوندر السكري، فالقمح على سبيل المثال صرنا نستورده خلال السنوات الأخيرة بعد أن كنا ننتج أكثر من 5 ملايين طن ونحقق فائضاً تصديرياً منه، مضيفاً أن تقليص المساحات المزروعة وتدهور الإنتاج المحلي كثيراً جعله لا يغطي 20٪ من الاحتياج الحقيقي، وهو أدنى مستوى تشهده سوريا، ولذلك تحولنا من دولة منتجة إلى مستهلكة، ليس لها بد من الاستيراد لتغطية النقص الحاصل وتلبية حاجة المواطن من الحبوب واللحوم والزيت والسكر ..الخ.

لماذا تراجعنا ؟

أسباب تراجع إنتاجنا الزراعي متعددة، ولعل أهمها كما يجملها القصار أولاً بالتغير المناخي والجفاف الذي فرض إيقاعه الخطير علينا مع انخفاض الهاطل المطري لما دون 30٪ عن المعدلات السنوية في بعض المناطق والذي أدى إلى جفاف الأراضي وتراجع محاصيل القمح والشعير والذرة.

وتابع بقوله: أدت أيضاً سنوات الحرب والنزاع إلى خروج مناطق ومساحات شاسعة عن الخدمة وعن سيطرة الحكومة والتي كانت تعدّ خزان سوريا الزراعي، إضافة لضعف دور المؤسسات الزراعية الحكومية في توفير الدعم وتأمين مستلزمات الزراعة، من بذار وأسمدة وري ومبيدات وكذلك هجرة المزارعين لأراضيهم بفعل تلك الظروف ،مع ما تركته العقوبات الاقتصادية العالمية من صعوبات تأمين التجهيزات، والمكننة الزراعية التي رفعت من تكاليف الزراعة وجرى فيما بعد إلغاؤها بجهود الحكومة الحالية.

الحلول المطروحة

السؤال الذي يفرض نفسه اليوم بعد شهور من التحرير لإصلاح ما أفسده النظام البائد وأدى لتدهور القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، كيف نعيد إنعاش هذا القطاع ليعود إليه شريان الحياة من جديد ؟

في هذا السياق، يذكّر القصار بأهمية الدور الحكومي في اتباع خطوات إستراتيجية وسياسات زراعية جيدة ووضع برامج لدعم الفلاحين من بذار وأسمدة بأسعار مدعومة وتقديم القروض الزراعية الميسرة لهم وتشجيع الزراعات التعاقدية والعضوية والمحاصيل البديلة وإعادة تأهيل شبكات الري الحديث واعتماد أصناف بذار مقاومة للجفاف وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإنشاء هيئة لإدارة الأمن الغذائي وتدريب الفلاحين على تقنيات الزراعة الحديثة ومحاربة الاحتكار ورفع الأسعار من خلال مراقبة الأسواق بفعالية.

Leave a Comment
آخر الأخبار