التقنيات الخضراء في سوريا شريان حياة ينبض بالأمل

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – بشرى سمير:

بدأت سوريا بعد التحرير تتلمس طريقها للتعافي والنهوض من خلال مبادرات لاستخدام التقنيات الخضراء أو التكنولوجيا النظيفة كحل عملي للتغلب على بعض التحديات اليومية.
وبعد الأزمات الإنسانية والاقتصادية والبنى التحتية المدمرة التي عصفت بسوريا وعلى الرغم من الظروف الصعبة، شهدت سوريا انتشاراً ملحوظاً لعدد من التقنيات الصديقة للبيئة

سوريا الخضراء

ويوضح الخبير التكنولوجي المهندس سالم حجيج أن من أبرز التقنيات الخضراء الموجودة في سوريا الطاقة الشمسية وتُعد المجال الأكثر نجاحاً وانتشاراً.
مع تراجع وتدمير عدد من شبكات الكهرباء وانقطاع التيار لساعات طويلة، لجأ الأفراد والمستشفيات والمشاريع الصغيرة إلى تركيب الألواح الشمسية لتأمين الحد الأدنى من الطاقة إضافة إلى استخدامات إنارة المنازل، تشغيل الثلاجات والأجهزة الطبية الأساسية، تشغيل مضخات المياه، وتشغيل محلات التجارة الصغيرة وتسخين المياه بالطاقة الشمسية كان هذا التقليد موجوداً قبل الحرب، لكنه عاد بقوة كبديل اقتصادي عن مسخنات الغاز أو الكهرباء غير المتوفرة.

خبير تقني: الطاقة الشمسية والزراعة المائية أدوات النجاة في سوريا

ولفت حجيج في تصريح لـ”الحرية” إلى أن الزراعة المستدامة والتكيفية أو ما تعرف بالزراعة المائية والعمودية بدأت تظهر في بعض المناطق الحضرية كحل لندرة الأراضي والمياه لإنتاج الخضروات الورقية بكميات أكبر وباستهلاك أقل للمياه. وأضاف: إنه مع تلف أنظمة المياه المركزية، يعتمد الكثيرون على جمع مياه الأمطار من أسطح المنازل في خزانات لتأمين مياه للاستخدام المنزلي غير الشرب.

إعادة التدوير (غير الرسمي)

وفي هذا المجال يقوم قطاع كبير من المجتمع تلقائياً بإعادة تدوير النفايات مثل المعادن والبلاستيك والكرتون كوسيلة للكسب ما يشكل شكلاً غير منظم من الاقتصاد الدائري.

مدى النجاح وبصيص ضوء

وعن مدى نجاح هذه التقنيات بين حجيج: يمكن وصف نجاح هذه التقنيات بأنه نجاح جزئي وتكيّفي أكثر منه استراتيجي ويتمثل في تأمين الحد الأدنى من الخدمات الأساسية ونجحت الطاقة الشمسية على سبيل المثال في إنقاذ حياة الكثيرين في المستشفيات، والحفاظ على الأدوية في الثلاجات وتسهيل حياة الناس اليومية كما ساهمت في توفير فرص عمل صغيرة انتشرت ورشات بيع وتركيب الألواح الشمسية ما وفر دخلاً للعديد من العائلات.
وأشار حجيج إلى أهمية رفع مستوى الوعي علماً أن المجتمع السوري أصبح أكثر وعياً بأهمية الطاقة البديلة والحفاظ على الموارد بسبب الضغوط اليومية، أكثر من أي حملة توعوية سابقة إضافة إلى القدرة على التكيف فقد أظهر السوريون قدرة ملحوظة على الابتكار والتكيف، مثل إعادة استخدام المواد أو صناعة معدات بسيطة لتقنيات خضراء محلية الصنع.

الصعوبات والتحديات

ونوه حجيج أنه رغم النجاحات الصغيرة تواجه التقنيات الخضراء في سوريا عقبات هائلة تمنعها من أن تصبح حلاً شاملاً أولها التكلفة المالية الباهظة التي تعتبر العائق الأكبر نظراً لارتفاع أسعار الألواح الشمسية، البطاريات، والأجهزة ذات الكفاءة العالية ويجعلها بعيدة عن متناول معظم السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر. التمويل والدعم شبه معدوم.

البنية التحتية

ولم ينسَ حجيج البنية التحتية المدمرة والبيئة غير المشجعة تراجع النظام الصناعي والاقتصادي يعني عدم وجود صناعة محلية لهذه التقنيات وعدم وجود سياسات داعمة أو قوانين تشجع على اعتمادها لكنه توقع مع رفع العقوبات عن سوريا أن يتم استيراد المعدات والتقنيات الحديثة ما يخفض تكلفتها ويسهل من وصولها.
وأضاف: الاعتماد على الطاقة الشمسية لا يلغي الحاجة لمولدات الديزل، حيث إن تكلفة نظام شمسي يكفي لتشغيل منزل بالكامل لا تزال فلكية. كما أن انقطاع الوقود يزيد العبء على النظام الشمسي.
وأشار إلى أهمية التدريب وهناك قلة بعدد الكوادر مدربة بشكل كاف على تركيب وصيانة هذه الأنظمة بشكل احترافي، ما يؤدي أحياناً إلى كفاءة منخفضة أو أعطال متكررة.

شريان حياة

وختم بالقول: تشكل التقنيات الخضراء في سوريا حالياً شريان حياة، وليست رفاهية. نجاحها الحقيقي يكمن في قدرتها على التخفيف من معاناة الناس اليومية. لأجل مستقبل أفضل، يحتاج الأمر إلى دعم دولي ومحلي لتمويل هذه المشاريع وجعلها في متناول الجميع وبناء القدرات وتدريب الكوادر الفنية إضافة إلى إعادة الإعمار مع اعتماد معايير صديقة للبيئة في البنى التحتية الجديدة و تمكين المبادرات المجتمعية المحلية التي أثبتت كفاءتها ومساهمتها في هذا المجال.
وأكد أن الرحلة نحو اعتماد التقنيات الخضراء في سوريا هي رحلة صعبة، لكنها تثبت أن الإرادة البشرية وقدرتها على الابتكار يمكن أن تزهر حتى في أكثر التربة قسوة.

Leave a Comment
آخر الأخبار