الحرية- رنا بغدان:
انفردت اللغة العربية عن غيرها من لغات العالم بظاهرة لغوية أطلق عليها اسم “الثنائيات” أو”المثنيات” أو “المثان” اللغوية المتلازمة, وهي مجموعة مصطلحات تصور أحد نماذج الثقافة العربية وتُستخدم لتجنب تكرار الكلمات وتأتي على أوزان التثنية أطلقها العرب على ثنائيات الأشياء للإشارة إلى شيئين مرتبطين ببعضهما البعض أو يشكلان وحدة واحدة تشير إلى وحدة الشيء وتركيبه من عنصرين,إضافة إلى قيمتها اللغويَّة وفوائدها الجمالية والترفيهية.
وتُعرف التَّثنية بأنها “ﺿﻢ اﺳﻢ إﻟﻰ اسم مثله” وهي صيغة مبنية للدلالة على الاثنين، واشتقاقها ﻣﻦ “ﺛﻨﻲ اﻟﺸﻲء” أي جعله اثنين, أما “ضم اسم إلى اسم ليس مثله” مع بقاء الصيغة النحوية (زيادة الألف والنون والياء والنون حسب الحالة الإعرابية)، فهذه الأسماء تعرف بـ”الثُّنَائِيَّات” و”المُثَنَّيَات”اللغوية التي تجمع اسمين متلازمين أو بينهما وجه شبه.
وقد زخر الشعر العربي بهذه الثنائيات التي غالباً ما تستخدم لإضفاء جمالية على النص الشعري بما تتضمن من إيقاع موسيقي جميل, أو للتعبير عن معانٍ معينة ودلالات وإيحاءات خاصة، تؤكد على أهمية الشيء أو على ارتباطه بغيره, ولتصوير الأشياء بشكل أكثر حيوية وواقعية, ولتوجيه انتباه القارئ إلى جزأين مهمين من الشيء.. كقول الخنساء:
إن الجديدين مع طول اختلافهما
لا يفسدان ولكن يفسد الناس
(المثنى: الجديدان = الليل والنهار).
وتنقسم “المثنيات” في اللغة العربية إلى نوعين: “مثنيات تلقينية” و”مثنيات تغليبية”، فـ”المثنى التلقيني” لا يُفرَدْ لأن معناه في التثنية يصبح بلا فائدة، فلا يصح إطلاقه على أحد المسميين، فمثلا كلمة “الثّقلان” اي الإنس والجان لا تطلق عليهما كل على حدة إلا إذا اجتمعا، وهذا ينطبق على كلمة “الجديدان” وهما الليل والنهار، فهي لا تطلق إلا وهما مجتمعان.
أما “المُثنّى التغليبي” فهو للمتغلب من الإثنين، فيقال عن الوالدين “الأبوان” وهما الأب والأم، فالمتغلب هنا هو الأب، كذلك غلّبوا الأخف نطقاً في “العُمَرَين” للإشارة إلى عمر بن الخطّاب وأبي بكر، كما أنهم غلّبوا الأنثى في التّثنية كقولهم “المروتان” قاصدين فيهما جبلي الصفا والمروة.
وتصنّف “المثنيات” وفق قوائم بعضها متداول حتى يومنا هذا وبعضها أصبح من النوادر، فهناك مثنيات للأمكنة والمواقع والتضاريس وأخرى في الأعلام وغيرها في الأديان وهناك مثنيات حتى لجسم الإنسان ولعلم الأحياء والألوان.. ومنها من لها معانٍ خاصة مثل (الميتتان: تدل على الجراد والسمك. والضرّتان: تدل على حجري الرحى)..
ونقبس فيما يلي باقة من بعض “الثنائيات المتلازمة” على اختلاف أنواعها وتصنيفاتها:
القبلتان: المسجد الحرام والمسجد الأقصى.
الأسودان: التمر والماء أو الحية والعقرب أو الحَرَّة والليل.
الأصغران: القلب واللسان.
الأصفران: الذهب والزعفران.
الأبهران: الوريدان اللذان يحملان الدم من جميع أوردة الجسم إِلى الأُذين الأيمن من القلب.
الأكحلان: عرقان ينحدران من الذّراعين.
الأبيضان: الملح والسكر أو الخبز والماء أو اللبن والماء أو الشحم والشّباب أو الملح والخبز.
البردان: الغنى والعافية أو الظّل والفيء.
الأبردان: الغداة والعشي.
التّوأمتان: العينان.
الأكذبان: الظّن والسّراب.
الحجران: الذهب والفضة.
الداران: الدنيا والآخرة.
الزهراوان: سورة البقرة وسورة آل عمران.
السعدان: كوكب المشتري والزهرة.
الدّمان: الكبد والطحال.
الماضيان: السيف والقلم أو السّيف والقدر
الأخْطَلان: الأخطل الكبير غيَّاث بن غوث والأخطل الصغير بشارة الخوري.
الضعيفان: الأرملة والصغير اليتيم.
الفرقدان: النّجم القطبيّ ونجم آخر بقربه مماثل له أصغر منه.
الأمَدَان: يوم الولادة ويوم الوفاة.
الملكان : هاروت وماروت.
الطائيان: البحتري وأبو تمام.
الجلالان: جلال الدين السيوطي وجلال الدين المحلي.
الرافدان: دجلة والفرات.
الأزرقان: الماء والسماء، البحر والسماء..