«الحرية» تستطلع رأي بعض سكان الشمال حول رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية- علاء الدين إسماعيل:

عبّر السوريون في الشمال السوري عن شعورهم بالأمل والفرح، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رغبته في رفع العقوبات عن البلاد بشكل كامل بعد عقودٍ من العزلة الدولية، حيث يظهر مستقبل البلد الذي مزقته الحرب أكثر إشراقاً.

ويعتبر هذا القرار خطوة مشجعة نحو إنهاء معاناة الشعب السوري، رغم إن هذه العقوبات فرضت سابقاً على نظام الأسد البائد وأسهمت في إضعافه، إلا أنها تستهدف الشعب السوري مباشرة، وتعرقل مسار التعافي وإعادة الإعمار.

الباحث الاقتصادي حيان حبابة، ذكر أن موضوع رفع العقوبات الاقتصادية حق إنساني للسوريين، وليس “هبة” كما فسره الكثيرون منهم.

وأضاف في تصريح لصحيفة الحرية: بالمجمل نحن ممتنون لجميع من سعى إلى رفع العقوبات عن بلدنا، لكن بالنتيجة هو حقنا الطبيعي والأخلاقي، لتعويض السوريين عن كل تلك الفترة السابقة خلال 14 عاماً من الحرب التي شنها نظام الأسد البائد، ضد شعب أعزل طالب بحريته وكرامته.

والأمر الآخر أنه حتى نلمس آثار رفع العقوبات فعلياً، فإننا نحتاج إلى عدة أشهر، بسبب الإجراءات القانونية، التي ستأخذ مجراها، إضافةً لموضوع القرار النهائي، لأنه بيد وزارة الخزانة الأمريكية، ومن ثم مجلسي الشيوخ والكونغرس، فكل قرار لديه إجراءات قانونية معقدة.

في أحد المخيمات الحدودية قرب بلدة أطمة قال مرهف الجدوع المهجر من ريف حماة الشمالي: في الحقيقة نحن كنازحين من ريف حماة الشمالي إلى المخيمات الحدودية، ننتظر أي شيء ليجدد الأمل لدينا بالعودة إلى قرانا وبلداتنا، كل هذا بعد تحرير سوريا. حيث أصبح أملنا مضاعفاً، لكن للأسف بيوتنا مدمرة، وأشجار أراضينا مقطوعة، ولذلك بقي القسم الأكبر من النازحين متواجدين في المخيمات، لا يستطيعون العودة، بسبب دمار كل شيء، ولكن مع رفع العقوبات تجدد الأمل أكثر وأكثر لدى الأهالي المهجرين، بأن ذلك سوف يسمح بدخول المنظمات الأممية، من أجل تسريع إعادة إعمار ما دمره نظام الأسد البائد، وتقديم المساعدات العينية والمالية، للتخفيف عنهم في مخيماتهم، وتعويضهم عن الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم.

في الريف الجنوبي لمحافظة إدلب وتحديداً مدينة معرة النعمان، تحدث عبدو قشيط لـ(الحرية) قائلاً: لقد لاحظت خلال اليومين الماضيين توافد عدد من المنظمات الإنسانية إلى مدينة معرة النعمان، منها من سيقوم بالترميم، وأخرى تقوم بتوزيع مساعدات، وثالثة تعمل على تقييم الاحتياج، والرابعة قامت بجولات ميدانية لدراسة بعض المشاريع. صحيح أن المنظمات لا تملك عصا سحرية للعمل خلال أسبوع من رفع العقوبات، لكن ذلك يعطينا الشعور بأننا محور اهتمام الجميع، ولم تعد معاناتنا طي النسيان.

خطوة باتجاه الانتعاش

في محله بمدينة الدانا في ريف إدلب الشمالي، أوضح مطيع الجمعة، المهجر إليها منذ ست سنوات: بعد تهجيرنا أواخر عام 2019، شعرنا باليأس والإحباط، فقدنا كل شيء، لكننا لم نفقد الأمل، افتتحت محلاً لبيع وصيانة الموبايلات، كنا نعاني من صعوبات كثيرة، تأمين قطع الصيانة، وتأمين المواد الأولية وبتكاليف باهظة الثمن، لكن استطعنا تجاوز تلك المرحلة الصعبة. وبعد رفع العقوبات تنفسنا الصعداء، تجدد لدينا الأمل بالعودة إلى بيتنا المدمر، وأرضنا التي قطعت أشجارها، فرحت كثيراً لذلك، وهي أول خطوة عملية وجادّة باتجاه الانتعاش الاقتصادي وتحريك سوق العمل، وتقوية وتفعيل دور الحكومة بشكل جدّي في تطوير موارد البلد وبنائه وتحسين الخدمات للمواطن.

وأضاف: لا أعتقد أنّ هناك سوريّاً واحداً، سواء كان مهجّراً أو مقيماً، ليس سعيداً برفع العقوبات ولم يتجدّد عنده الأمل بتعافي سوريا داخلياً وخارجياً. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان تخفيف العقوبات سيقتصر على قطاعات محددة، مثل المساعدات الإنسانية الدولية أو الخدمات المصرفية أو الأعمال التجارية العامة.

استيراد من دون قيود

منير الرحمون أحد التجار المهجرين إلى مدينة سرمدا، أكد أن رفع العقوبات خفف عنهم الكثير من المتاعب، مشيراً لأهمية الاستيراد بحريّة ومن دون قيود وخوف. والأهم من كل شي هو دفع الأموال ثمن البضائع للصين والهند عن طريق البنوك السورية بالمستقبل. نحن حالياً نأخذ الأموال من هنا إلى السعودية أو تركيا أو قطر، نعيش على أعصابنا حتى تصل تلك الأموال، لأن أي مشكلة سوف تؤدي لفقدانها بالبنك الوسيط الأمريكي، لكن بالمجمل قرار رفع العقوبات سيخفف الكثير على التجار السوريين، وهذا سيؤثر على السوق أيضاً.

يشجع رؤوس الأموال

أحمد الصباح من بلدة قمحانة بريف حماة، هجّر منها منذ 11عاماً، وأقام في محافظة إدلب، اعتقد أنه لن يكون هناك انعكاس مباشر على قاطني المخيمات، ورحلة عودتهم، أو شيء سريع جداً، وحكماً جاء قرار رفع العقوبات بشكل جيد وبتوقيت مناسب، مضيفاً: سوف نلاحظ ونلمس فوائد هذا القرار خلال المرحلة القادمة، وفي الوقت القريب، وليس البعيد، بغض النظر عن مدة القرار الزمنية، لكن هذا سوف يشجع رؤوس الأموال والمستثمرين، سواء كانوا سوريين في الخارج، أو مستثمرين عرباً وأجانب، يرغبون في الاستثمار داخل سوريا، وأن الدورة الاقتصادية ستنطلق، وبالتالي سيظهر للجميع أثر وفرق ذلك، أما عودة المهجرين فهي مرتبطة بإعادة الاعمار، وهذه بحاجة لقرارات على مستوى دولي، من خلال تقديم مساعدات على مستوى دول كبيرة، وهذه العملية سوف تعترضها الكثير من المشكلات والمعوقات، منها العقارات.

في المحصلة موضوع رفع العقوبات هو حكماً شيء إيجابي، ولا بد منه، ولكن ليس بشكل فوري ومستعجل كما يظن البعض، وعلينا التأني قليلاً حتى تتحرك عجلة الاقتصاد، وتتحرك المنظمات الأممية من أجل مشاريع إعادة الإعمار، لأن كل المهجرين في مخيمات الشمال، لا يملكون تكلفة استئجار سيارة لنقل أمتعتهم، فما بالك بتكاليف إعادة الإعمار الكبيرة جداً؟.

تتطلع الحكومة السورية إلى دعم دولي وإقليمي لمساعدتها في معالجة تداعيات 14 سنة من حرب المخلوع بشار الأسد، ومنذ الإطاحة بنظامه، تطالب الحكومة السورية برفع العقوبات لأنها تعوق جهود إعادة الإعمار وتحقيق التنمية في البلاد.

Leave a Comment
آخر الأخبار