الحرية-علاء الدين إسماعيل:
أطلقت منظمة الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء»، بالتعاون مع محافظة إدلب مشروعاً لإزالة الأنقاض من مدينة معرة النعمان جنوبي إدلب، وفق معايير السلامة، وإعادة تدويرها لتأهيل الطرق الزراعية في المنطقة.
مدينة معرة النعمان الواقعة في جنوب محافظة إدلب، تعرضت لدمار شديد من جراء عمليات القصف الممنهج من قبل نظام الأسد وحلفائه، وبعد سيطرتهم عليها بين أعوام 2019 و 2024 تعرضت المباني الخاصة والعامة للتخريب الممنهج، كباقي المدن الحيوية في المحافظات السورية، حيث دُمرت بشكل كلي أو جزئي المرافق الحيوية (المباني الخدمية العامة – المدارس – المرافق الصحية) وأصبحت خارج الخدمة نتيجة للدمار الذي حصل لهذه المدينة، ومن بين أهم المرافق الطبية المدمرة المشفى الوطني في معرة النعمان، وهو متوقف عن الخدمة منذ العام 2020، ولم يكتفِ نظام الأسد البائد وحلفاؤه بتدمير المدينة، بل رافق ذلك تهجيرهم للسكان.
وتتميز معرة النعمان بموقع استراتيجي على طريق M5 الذي يربط حلب العاصمة الاقتصادية وثاني مدن البلاد (شمال غرب) بالعاصمة دمشق، وتعتبر من أكبر التجمعات السكانية في ريف إدلب الجنوبي، ولها أهمية تاريخية وثقافية كبيرة، ويوجد فيها متحف (خان مراد باشا) وهو واحد من أشهر المتاحف المتخصصة بفن الفسيفساء في العالم.
وبعد سقوط نظام الأسد، منع الدمار الكبير وإغلاق الطرقات وانتشار مخلفات الحرب وانهيار البنية التحتية والمرافق الحيوية وشبكات المياه والصرف الصحي، عودة سكان المدينة المهجرين قسراً إليها.
وكاستجابة أولية إسعافية في تلك المرحلة في نهاية عام 2024 ، عملت منظمة الخوذ البيضاء على فتح الطرقات المغلقة وإزالة الأنقاض منها لتسهيل الوصول الإنساني والتنقلات، حيث قدمت أكثر من 100 عملية خدمية في المدينة خلال الربع الأول (كانون الثاني – شباط – آذار) لعام 2025 متضمنة فتح الطرقات وترحيل الأنقاض وإزالة الأجزاء الآيلة للسقوط من المباني وخدمات عامة أخرى لتسهيل عودة النازحين إلى منازلهم، وتم خلال الربع الأول من عام 2025، ترحيل أكثر من 7 آلاف متر مكعب من الأنقاض في مدينة معرة النعمان، وذلك بحسب إحصائيات الدفاع المدني.
وبيّن مدير مديرية الدفاع المدني السوري في محافظة إدلب زياد حركوش، أن برنامج تعزيز المرونة المجتمعية في المنظمة أطلق مشروعاً لإزالة الأنقاض في مدينة معرة النعمان بتمويل من “صندوق مساعدات سوريا” (AFS)، ويعتبر هذا المشروع خطوة مهمة في مسار تعافي المدينة، ويأتي في إطار جهود منظمة الخوذ البيضاء للمساهمة بعودة السكان ودفع عجلة التعافي وتمكين الوصول الإنساني.
وأضاف حركوش في تصريحه لصحيفة الحرية: إن إزالة وترحيل الأنقاض من المناطق المتضررة في مدينة معرة النعمان، يتمان وفقاً لحقوق الملكية للأراضي والعقارات، وتتخذ إجراءات معايير السلامة المهنية أثناء العمل، وإعادة تدوير الأنقاض لتأهيل الطرقات الزراعية على أطراف المدينة.
ويمتد المشروع لتسعة أشهر في جميع المراحل، بدايةً من شهر آذار وحتى شهر تشرين الأول 2025، موضحاً أن للمشروع مراحل عدة، سيتم تنفيذها تباعاً، في المرحلة الأولى عملت الفرق الهندسية في الخوذ البيضاء بالتنسيق مع إدارة المنطقة على تحديد الأحياء السكنية التي ستتم إزالة الأنقاض منها، من خلال تقسيم المدينة إلى 11 قطاعاً، بالإضافة إلى تحديد كمية الأنقاض المتوقع إزالتها، حيث إن الكمية التقديرية الإجمالية حوالي 70 ألف متر مكعب موزعة على النحو التالي: أنقاض موجودة ضمن الأحياء السكنية في المدينة، تقدر كميتها بحوالي 20 ألف متر مكعب، أبنية عامة بحاجة إلى الهدم والترحيل 10 آلاف متر مكعب، (مرآب البلدية المهدم 3500 متر مكعب، مدرسة الخنساء المتضررة من القصف 4000 متر مكعب، مبنى أمن الدولة السابق 2500 متر مكعب)، المباني الخاصة المعرضة للدمار الكلي والجزئي، بحاجة إلى موافقات قانونية من أصحاب العقارات، مقدرة كميتها بحوالي 40 ألف متر مكعب.
المرحلة الثانية: بدأت يوم الثلاثاء 29 نيسان 2025، وسيقوم فريق إزالة مخلفات الحرب في منظمة الخوذ البيضاء، بالعمل على مسح القطاعات التي سيتم العمل بها، لضمان سلامة الأفراد المشاركين في الأنشطة قبل البدء في إزالة الأنقاض. إضافة إلى إزالة الأنقاض من الشوارع وفقاً للتقسيمات المحددة، وترحيل الأنقاض القابلة لإعادة التدوير إلى الموقع المخصص من أجل العمل على إعادة تدويرها . أما بخصوص الأنقاض غير القابلة لإعادة التدوير بسبب احتوائها على أتربة ومواد عضوية، فسيتم نقلها إلى أماكن مخصصة للتخلص منها بطرق سليمة.
وأكد حركوش أن استعادة البنية التحتية تبدأ بإزالة الأنقاض، وهي الخطوة الأولى في إعادة بناء البنية الأساسية للمدينة، بما في ذلك الطرق والمرافق، منها الكهرباء والمياه والصرف الصحي وشبكات النقل، ومن دون إزالة الأنقاض، يكاد يكون من المستحيل البدء في إعادة بناء المنازل والمستشفيات والمدارس وغيرها من المباني العامة الحيوية، مضيفاً:إن إزالة الأجزاء الآيلة للسقوط تحمي السكان المحليين من أي احتمالية لوجود تصدعات أو تشققات في الهياكل غير المستقرة التي يمكن أن تسبب الضرر والأذى لهم أثناء العواصف المطرية والهوائية. ومن ناحية أخرى تقلل إزالة الأنقاض من خطر الإصابات الصحية الناتجة عن وجود الغبار الذي يسببه تلوث الهواء، أو فرص تكاثر القوارض والحشرات ضمن أكوام الأنقاض المهدمة التي تكون بيئة مناسبة لها.
كما أن مسح قطاعات العمل من قبل فرق إزالة مخلفات الحرب يحمي المدنيين من مخاطر الإصابة أو الموت بسبب هذه المخلفات.
وأشار إلى أن إزالة الأنقاض وهدم المنشآت الآيلة للسقوط وإعادة تدوير الأنقاض لإنتاج مواد تساهم في إعادة الأعمار، هي أمر ضروري للتعافي الاقتصادي، كما أنها توفر فرص العمل وتحفز الاقتصادات المحلية، وإن إعادة تدوير الأنقاض وتحويلها إلى مواد بناء تقلل من الحاجة إلى مواد خام جديدة، ما يقلل من التدهور البيئي والانبعاثات وفقاً لمعايير ومواصفات خاصة لمعامل التدوير المتنقلة والثابتة.
ونوه بأن إزالة الأنقاض تساعد في استعادة الشعور بالطبيعة والمجتمع، كما تسمح للسكان النازحين بالعودة وإعادة بناء حياتهم، ورؤية التقدم في عملية التنظيف وإعادة البناء يمكن أن تعزز من الروح المعنوية والصحة العقلية للسكان المتضررين.
وبالنسبة للسكان المحليين، فإن وجود الأنقاض هو تذكير يومي بالصدمة والدمار، ويمكن أن يكون لإزالة الأنقاض تأثير نفسي إيجابي، ما يشير إلى بدء إعادة الإعمار والشعور بالأمل في المستقبل، كما يمكن أن يساعد في تخفيف مشاعر النزوح والخسارة.
وأردف: تعمل الفرق الهندسية والعملياتية في «الخوذ البيضاء»، بالتنسيق بشكل يومي أثناء مشاريع إدارة الأنقاض للحفاظ على سلامة وأرواح المدنيين عبر فرق إزالة مخلفات الحرب، التي تدعم الفرق الهندسية والتقنية قبل التعامل مع الأنقاض، حيث تقوم هذه الفرق بإجراء مسح تقني للمواقع التي تعرضت للقصف والاشتباكات، حيث تعتبرها أراضيَ ملوثة وبحاجة إلى التحقق من مخلفات الحرب المتبقية من أجل التخلص منها وفقاً لإجراءات العمل القياسية الخاصة بها، ومن ناحية أخرى، يتم التحقق من جاهزية كافة الآليات الثقيلة التي تعمل في المشروع بشكل دوري من خلال فرق الصيانة المختصة لضمان استمرارية العمل دون انقطاع، وهذا يساعد في الانتهاء من أنشطة المشروع كما هو مخطط له.
وختم حركوش بأنه يتم التنسيق مع مجلس محافظة إدلب وإدارة منطقة معرة النعمان، ومن خلال التنسيق والتواصل المستمر مع المجتمع المحلي يساهم ذلك في تحديد أولويات تنفيذ الأنشطة، والحصول على كافة الموافقات القانونية لإزالة الأنقاض وكافة عمليات الهدم للمباني المتضررة، وآلية التعامل مع الأبنية الآيلة للسقوط التي تشكل خطراً على حياة المدنيين العائدين إلى المدينة.