لكلٍ إيجابياته وسلبياته.. بين الخوف من التقاعد والرغبة في تمديد الخدمة

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – بشرى سمير:

الخوف من التقاعد والشعور بالعزلة وفقدان الهوية الاجتماعية والمهنية يدفع الكثيرين من كبار السن إلى تمديد خدمتهم في الوظيفة بهدف ملء الفراغ والتسلية وتجنب العزلة، إضافة إلى تحسين الدخل المادي على اعتبار أن راتب الموظف ينخفض بنسبة كبيرة بعد ترك العمل.
يقول محمد 59 سنة: أفكر في تمديد خدمتي على الأاقل ستة أشهر، لأنني لن أستطيع أن أجلس في المنزل من دون عمل بعد أن قضيت شبابي كله في الوظيفة، وطبعاً لن أتمكن من إيجاد عمل في القطاع الخاص لأن الكل يرغب في تشغيل الشباب رغم خبرة كبار السن.
من جهتها هند تقول إنها هذه السنة الرابعة التي تمدد خدمتها في عملها بإحدى مؤسسات القطاع العام لأنها ترغب في قضاء وقت ممتع مع زميلاتها في العمل، بدلاً من الجلوس في المنزل والملل كما أنها تتقاضى راتبين الأول تقاعدي والثاني هو فرق الراتب لكونه تم (التقاعد منها) بعقد عمل جديد.
الاختصاصية النفسية روان شاكر ترى في تصريحها لـ”الحرية” أن مخاوف المتقاعد الرجل تختلف عن مخاوف المرأة، حيث يخشى الرجل بعد التقاعد وخاصة إذا كان في موقع إداري متقدم لكونه سيفقد الشخص جزءًا من هويته كونه مديراً، ويفقد العلاقات الاجتماعية التي كانت تربطه بزملاء العمل، ما يسبب شعوراً بالارتباك والحزن.
إضافة إلى ما يعانيه من الملل والفراغ كونه اعتاد على نظام معين في حياته وعند التقاعد يختفي هذا النظام، ما قد يؤدي إلى شعور بالضجر والفراغ، وهو ما يؤثر سلبًا على الصحة النفسية.
كما إنه قد يشعر المتقاعد بالوحدة بعد أن يصبح أقل تفاعلاً مع الآخرين، خاصة مع تقدم العمر وفقدان الأحبة.
من جهتها تبين الاختصاصية الاجتماعية سوسن السهلي، أن التقاعد هو جزء طبيعي من دورة الحياة، والاستمرار في العمل بشكل مبالغ فيه يخالف هذه الطبيعة. التقاعد .. ليس نهاية لمسيرةِ عمل وإنما عبور هادئ من زمن إلى زمن الاختيار ولفتت إلى أن البعض يرى في التقاعد نهاية مؤلمة وعزلة ومللاً وعوزاً مادياً، بينما يراه آخرون بداية لحياة جديدة تسودها حرية الوقت وحرية الفكر، واكتشاف ما لم يكن ممكناً اكتشافه في زحمة الالتزامات وضجيج التكاليف، والتفرغ للعائلة والأصدقاء والحياة الاجتماعية التي فقدها خلال العمل وضغوطاته، كما يمكنه الانخراط في الأعمال التطوعية التي تمنح المتقاعد شعورًا بالانتماء والعطاء، وهي فرصة للمساهمة في المجتمع بطرق جديدة. ولفتت إلى أهمية الاهتمام بالصحة والحفاظ على الصحة البدنية والعقلية، ما يساعد على الاستمتاع بالحياة وعدم التركيز على سلبيات التقاعد.

التمسك بالوظيفة

وأوضحت السهلي أن التمسك بالوظيفة له تأثير سلبي على الصحة، إذ يمكن أن يؤدي التمسك بالوظيفة إلى إرهاق جسدي ونفسي، وهو ما يعوق الاستمتاع بالحياة والقيام بأنشطة أخرى مفيدة.
وعند التقدم بالعمر يكون الأولاد كبروا والتمسك بالوظيفة قد يحرم الشخص من فرص جديدة للاستمتاع بالوقت مع الأسرة، وخاصة الأحفاد والاهتمام بالهوايات، والمشاركة في أنشطة ثقافية واجتماعية مختلفة.
ولفتت إلى أن التمديد هو سلاح ذو حدين إذ يمكن أن يؤدي إلى البطالة المقنعة وتمضية الوقت في التسلية، يمكن في الوقت ذاته الإفادة من خبرات المتقاعدين ونقلها إلى الأجيال الجديدة من العاملين الشباب.

التقاعد المبكر

ولفتت السهلي أن هناك دراسات اجتماعية تشير إلى أن التقاعد المبكر قد يعود بالنفع الصحي على بعض الفئات، خاصة من يعملون في وظائف مرهقة بدنياً، إذ أظهر التقاعد في هذه الحالة ارتباطاً بانخفاض احتمالات الإصابة بأمراض القلب والسكري.

Leave a Comment
آخر الأخبار