الحرية- وليد الزعبي:
لم يعد مبرراً أبداً بقاء أسعار الدواء المنتج محلياً على حالها، بعد تراجع سعر صرف الدولار مقابل الليرة بمقدار الثلث تقريباً عما كان عليه في فترة النظام البائد، عندما وضعت التعرفة المعمول بها حالياً.
معلوم للجميع أن معامل الأدوية كانت تستشرس وهي تضغط بشدة على وزارة الصحة لرفع الأسعار كلما تراجعت قيمة الليرة أمام الدولار، ولطالما اتبعت أساليب غير سوية في سبيل ذلك، مثل طرح بعض أنواع الأدوية في السوق (بالقطارة) أو حتى قطعها نهائياً حتى يضج المرضى مطالبين بتوفيرها، فتجد المعامل في ذلك عامل ضغط إضافياً لرفع الأسعار حتى تلبي الحاجة.
وفي ظاهرة التفافية تعبر عن حالة من الجشع لجني أرباح كبيرة على حساب المرضى، كانت معظم المعامل عندما يتأخر رفع الأسعار تتهرب من تصريف الدواء بالطرق المشروعة عبر المستودعات المختصة، ومنها للصيدليات، حيث شكلت ما يشبه السوق السوداء لبيع الدواء، وخاصةً من الأصناف النوعية، مثل الصادات الحيوية وأدوية الضغط والقلب وغيرها، وذلك عبر سيارات جوالة أو (تجار شنطه) لتسويق الدواء مباشرة للصيدليات وبقيم وصلت أحياناً لضعف أو ضعفي التسعيرة النظامية، وحينها لم تكن تأبه لأحد في ظل الفلتان الحاصل في عهد النظام البائد الذي بهتت أجهزته الرقابية نتيجة الترهل بعملها.
المستغرب أن أسعار الدواء المستورد أو المهرب تراجعت بنسبة الثلث وحتى النصف تقريباً، وباتت أرخص من الدواء المحلي لبعض الأنواع، وإن بقي الحال على ما هو عليه لا شك سيلاقي الدواء المهرب رواجاً أكثر، وهو أمر غاية في الأهمية، ينبغي أن تأخذه المعامل بالحسبان كيلا يضعف تسويق منتجها وتقل ريعيتها.
وأمام الواقع المبشر باستمرار انخفاض الدولار، الذي يعني بالضرورة انخفاض تكاليف المواد الأولية الداخلة في تصنيع الأدوية، لكون معظمها مستورداً، فلا بد من أن تجاري الأسعار هذا الانخفاض وبأسرع ما يمكن ليستفيد المواطن، وخاصةً أن الدواء ليس سلعة للرفاهية يمكن أن تؤجل، بل ضرورة لازمة للعلاج والتعافي، وهناك من الفقراء من لا يقوون على تأمين ثمنه، والأمل ألا يكون أمر التخفيض كيفياً، بل مدروساً بعناية وبتوجيه ومتابعة من وزارة الصحة.