الحرية ـ رفاه نيوف:
تأتي مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في مؤتمر المناخ COP30 بمدينة بليم البرازيلية لتؤكد مسار عودة سوريا الفاعلة إلى الساحة الدولية، بعد مشاركته التاريخية في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وتجسد هذه المشاركة رؤية القيادة السورية المنفتحة على العالم، عبر دبلوماسية متوازنة تربط بين السياسة والبيئة، وتعيد لسوريا مكانتها في المشهد الدولي.
المحلل السياسي عبد الكريم العمر أكد لصحيفة «الحرية» أن مشاركة الرئيس الشرع في مؤتمر المناخ تمثّل استمراراً طبيعياً لمسار عودة سوريا التدريجية إلى الساحة الدولية، وهو المسار الذي بدأ قبل أسابيع بمشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث ألقى كلمة سوريا للمرة الأولى منذ عام ١٩٦٧.

وأوضح العمر أنّ مشاركة الرئيس في الأمم المتحدة كانت لحظة سياسية فارقة، إذ جاءت بعد مرحلة طويلة من التحديات والحروب، لتعبّر عن حضور قائد انتصر في ثورة وطنية واستعاد سيادة بلاده ومكانتها الإقليمية.
أما مشاركته اليوم في قمة المناخ، فتؤكد انخراط سوريا في الملفات الدولية الكبرى من موقع القوة والمسؤولية، لا من موقع العزلة أو الدفاع.
ويرى العمر أنّ عودة سوريا إلى المنابر الدولية بهذا الزخم تعكس انفتاحاً عالمياً متزايداً تجاهها، مشيراً إلى أن هذا الانفتاح لم يتحقق في التاريخ السوري الحديث منذ تأسيس الجمهورية الأولى عام ١٩٢٠، مضيفاً أن القمة في البرازيل تفتح آفاقاً جديدة أمام الدبلوماسية السورية للتفاعل مع العالم في قضايا البيئة والتنمية والطاقة المستدامة، ولإيصال صوت سوريا كدولة تمتلك تاريخاً وحضارة وموقعاً إستراتيجياً يجعلها قلب الشرق الأوسط ومحور التوازن الإقليمي.
وأكد العمر أنّ الخطاب الدبلوماسي الذي تتبعه القيادة السورية منذ انتصار الثورة يقوم على الهدوء، والاحترام المتبادل، والانفتاح على جميع الدول دون استثناء، وهو ما جعل من دمشق محطة رئيسة لوفود سياسية ودبلوماسية من مختلف أنحاء العالم، في مؤشر واضح على عودة الثقة الدولية بالدور السوري.
وأشار إلى أّن أهمية المشاركة السورية في قمة المناخ لا تقتصر على بعدها البيئي فحسب، بل تحمل بعداً سياسياً وإستراتيجياً، إذ تمثل خطوة جديدة في كسر الحصار والعزلة، وتهيئة الأرضية لمرحلة إعادة الإعمار ورفع العقوبات، إلى جانب إمكانية تحقيق تقدم في ملفات الجنوب والمناطق الشمالية.
واختتم العمر حديثه بالتأكيد على أنّ سوريا اليوم لا تعود إلى العالم فحسب، بل إن العالم هو الذي يعود إلى سوريا، في اعتراف متزايد بمكانتها التاريخية ودورها المحوري في صياغة التوازنات الإقليمية والدولية، معتبراً أن زيارة الرئيس الشرع إلى البرازيل محطة سياسية وإستراتيجية مفصلية، ستنعكس آثارها الإيجابية على المشهدين السوري والعالمي في المرحلة المقبلة.