‏”الرهاب الامتحاني” قلق مشروع يتحوّل إلى كابوس يطارد الطلبة ‏والأهل..‏

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية- باسمة اسماعيل:‏

في أروقة المدارس ومع بدء موسم الامتحانات، تسيطر أجواء مشحونة ‏بالقلق والتوتر، لا تقتصر على الطلبة فقط، بل تمتد لتطول أهاليهم، الذين ‏يعيشون معهم الضغط نفسه وربما أكثر، وهذا ما يُعرف بـ”الرهاب ‏الامتحاني”، حالة نفسية تتجاوز القلق الطبيعي، وتؤثر بشكل مباشر في ‏الأداء الأكاديمي، وحتى في الاستقرار النفسي والاجتماعي داخل الأسرة.‏

بين الأمس واليوم.. قلق يرويه الطلاب والأهالي

‏”الحرية” التقت بعضاً من الطلبة والأهالي في أول يوم من امتحان ‏الشهادة الإعدادية، عبّرت الطالبة رهف عن حالتها، قبل الامتحانات، ‏كنت أنام بصعوبة وأشعر بثقل في صدري كلما فكرت بالامتحان، حتى ‏الطعام لم أعد أتناوله بشكل طبيعي، وخلال اللحظات الأولى من ‏الامتحان، شعرت أني نسيت ما حفظته، لكن استرجعت كل شيء عندما ‏سارت العملية الامتحانية بهدوء.‏

أما والدتها فأشارت إلى أنها عاشت حالة توتر وخوف لا تقل عنها، وهذا ‏حال كل الأهالي، خوفنا تحول إلى ضغط أحياناً من دون قصد، لأننا نريد ‏فقط أن نراهم ناجحين، وهذا بحد ذاته يولد قلقاً متبادلاً.‏

الطالب حسام أضاف: كنت أشعر بأني مستعد قبل أيام من الامتحان، لكن ‏ما إن اقترب الموعد حتى بدأت أعاني من أرق، وأشعر بالخوف من أن ‏أنسى كل شيء، اليوم في القاعة، مجرد رؤية ورقة الأسئلة جعلت قلبي ‏يتسارع لكن ما إن قراتها، وأحسست أنني أعرف الإجابة على الأسئلة ‏حتى تلاشى التوتر رويداً رويداً.‏

والدة إحدى الطالبات عبّرت عن قلقها، ابنتي كانت تنهار من البكاء بسبب ‏ضغط الامتحان، وأنا لا أعرف كيف أساعدها، نحاول كأسرة أن نكون ‏داعمين، لكن أحياناً نشعر أننا عاجزون.‏

رأي متخصص: أين يبدأ القلق وأين ينتهي؟

وفي هذا السياق أكدت الدكتورة ريم كحيلة، أستاذة الإرشاد النفسي في ‏جامعة اللاذقية، أن القلق بحد ذاته ليس بالضرورة حالة سلبية، قائلة: أولاً ‏ينبغي لنا أن نميز بين القلق كحالة طبيعية، والقلق كحالة مرضية تتطور ‏لتصبح سمة لدى الفرد، فالقلق كحالة طبيعية هو استجابة طبيعية للجسم، ‏لمواجهة التحديات والمواقف الصعبة، على سبيل المثال القلق من ‏مواجهة موقف معين في العمل، أو لحدث في الشارع أو القلق من ‏الامتحان، أو القلق من الدخول في مشروع حياتي جديد…الخ، ولا يؤثر ‏بشكل كبير في حياة الفرد، بل قد يكون عاملاً محفزاً للفرد ليقدم أفضل ما ‏لديه، بينما القلق المرضي هو استجابة غير متناسبة مع الموضوع المثار ‏للقلق، بمعنى أن حجم الإثارة مبالغ فيه من قبل الشخص، من حيث الشدة ‏والزمن والاستمرارية، فيصبح اضطراب يؤدي إلى خلل في التوازن مع ‏الذات أو البيئة المحيطة بالفرد.‏

تفاوت بالحالة

وأوضحت كحيلة أن الرهاب الامتحاني هو بحد ذاته نوع من القلق، الذي ‏يشعر به الطلبة قبل أو أثناء الامتحانات، إذ يعتبر طبيعياً وشائعاً بين ‏العديد من الطلاب، ويتفاوت بين طالب وآخر من حيث الشدة والمدة ‏الزمنية، ويكون له تأثير على الأداء الأكاديمي سواء بالسلب: (النسيان – ‏ضعف الثقة بالنفس- درجات منخفضة…الخ) أم بالإيجابية: (دافع محفز ‏للإنتاجية – تأكيد الذات …الخ).‏

أستاذة إرشاد نفسي: التركيز على دور الأهل بتحفيز الطالب وتقبل قدراته ‏ومساعدته على التعبير عن نفسه

وبيّنت من مظاهر وأعراض القلق الامتحاني (صعوبة التركيز، الشعور ‏بالإرهاق المستمر، اضطرابات النوم مثل الأرق، سرعة الانفعال أو ‏الغضب،) وهناك أعراض جسدية مثل زيادة ضربات القلب أو صعوبة ‏التنفس، وكما ذكرت سابقاً هذه الأعراض تختلف زيادة أو نقصان من ‏شخص لآخر.‏

عوامل عديدة

وتابعت: العوامل التي لها دور في زيادتها أو نقصانها أذكر أهمها، ‏المناخ الأسري وأقصد به الضغط الممارس على الطالب من قبل الأهل ‌‏(عدم التوافق بين توقعات الأهل من الشاب أو الشابة، وبين قدراته أو ‏قدراتها الحقيقية)، بالإضافة إلى العامل الذاتي للطالب (التحضير ‏الدراسي أو عدمه من قبل الطالب)، بمعنى هل كان الجهد المبذول خلال ‏العام الدراسي أم لا؟ ويجب ألا نغفل أهمية الخبرات الاجتماعية (تلك ‏التي سمع عنها أو لاحظها) والتجارب السابقة للطالب (المعيشة شخصياً، ‏على سبيل المثال رسوب في سنة ماضية)، وحتى القصص التي يسمعها ‏من زملائه أو وسائل الإعلام، كلها تلعب دوراً في زيادة أو تقليل التوتر.‏

نصائح

وأضافت: السؤال المطروح هنا كيف ممكن مساعدة الطالب للتخلص من ‏القلق الامتحاني؟ ينبغي للطالب تعلم مهارات الدراسة الفعالة من خلال، ‏تحديد الأهداف (وضع أهداف واضحة ومحددة لكل جلسة دراسية، سواء ‏كانت قصيرة الأمد، مثل إنهاء فصل معين، أو طويلة الأمد مثل ‏التحضير لامتحان)، تنظيم الوقت (وضع جدول زمني محدد للدراسة ‏يومياً والابتعاد عن المشتات)، المكان المناسب للدراسة، تقسيم المواد ‌‏(تجزئة المواد أو المعلومات إلى أجزاء صغيرة، تساعد على تسهيل ‏التعلم والفهم)، طرق وأساليب متنوعة للدراسة مثل (الخرائط الذهنية، ‏الملاحظات، والرسوم البيانية)، ما يساعد على تعزيز الفهم والتذكر، ‏التغذية الراجعة والتقييم الذاتي، وذلك من خلال حل الاختبارات والنماذج ‏الامتحانية السابقة)، وهذه الطريقة تعزز الذاكرة وتساعد على تحديد ‏المجالات، التي تحتاج إلى تحسين، ولا يمكن أن نغفل أهمية الاستراحات ‏المنتظمة والتي توزع بحسب قدرة الطالب على التركيز تتراوح بين ١٥ ‏د و٣٠ دقيقة، وموضوع الطعام الجيد والنوم الكافي مهمان جداً، لأنه ‏يؤثر في القدرة على التركيز والتعلم، وتدريب الطالب على التنفس ‏العميق، بالإضافة إلى الاسترخاء العضلي والذهني جداً مهم، ويتمثل ‏باستدعاء الأفكار الإيجابية مكان السلبية عن الذات والقدرة (أنا أستطيع ‏بدلاً من أنا لا أستطيع)، (النجاح والتفوق بدلاً من الفشل).‏

الدعم الأسري ‏

وأشارت إلى أنه لا بد هنا من التركيز على دور الأهل في تحفيز الطالب ‏وتشجيعه، وتقبل قدراته ومساعدته على التعبير عن نفسه، والتكلم عن ‏الصعوبات التي تواجهه لأجل التغلب عليها معاً، والتحدث مع الطالب ‏بإيجابية، وتقبل مشاعر القلق لديه الناجمة عن الامتحان، بمناقشة كل ‏التوقعات السلبية والإيجابية، تعرف نقاط القوة والضعف لدى الطالب ‏والتعاون على تجاوزها بتقديم أشكال الدعم المطلوبة، التحدث عن نماذج ‏ناجحة في الحياة تكون قدوة للطالب تحفزه وتشجعه على امتثالها.‏

ولفتت إلى أن التركيز على النجاح في الامتحان، يساعد على الاسترخاء، ‏والشعور بالرضا والارتياح، ويعطي الإيحاء بأن المعلومات سوف تأتي ‏تباعاً.‏

وفي هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، من المهم أن يرى ‏الطالب في أهله ملجأً لا عبئاً إضافياً، والتركيز على النجاح وليس ‏الفشل لأنه مفتاح الأداء الجيد.‏

Leave a Comment
آخر الأخبار