الحرية – نهلة أبو تك:
تبحث العائلات مع بدء العطلة الصيفية عن أنشطة مفيدة لأبنائها، وتبرز الرياضة كخيار مثالي يجمع بين الترفيه والصحة والانضباط. إلا أن هذا الخيار يصطدم بواقع اقتصادي صعب، حوّل معظم النشاطات الرياضية الصيفية إلى عبء مالي يرهق الأهالي، بدلاً من أن تكون مساحة دعم واحتضان.
ترهق الجيوب
تنطلق في الصيف “مدارس رياضية” يفترض بها أن توفر بيئة تدريبية آمنة للأطفال، وتتيح لهم تعلّم مهارات جديدة. لكنها، كما تقول نيرمين أم لطفلين، أصبحت حلمًا مكلفًا:
“سجّلت ولديّ العام الماضي، أما هذا الصيف فالأسعار ارتفعت بشكل لا يُحتمل. اشتراك كرة القدم تجاوز 300 ألف ليرة شهرياً، ناهيك باللباس والمواصلات.”
وتتفاوت الأسعار بحسب نوع الرياضة ومدتها، ومع غياب دعم حقيقي أو مبادرات مجانية واسعة النطاق، تجد الكثير من العائلات نفسها مضطرة للتخلي عن هذه النشاطات رغم أهميتها.
لمن يستطيع
لم تعد السباحة وهي الرياضة الأهم في فصل الصيف متاحة للجميع، فالمسابح الخاصة باتت تطلب رسم دخول يصل إلى 50 ألف ليرة سورية للفرد، ما يجعل من اليوم الواحد ترفاً صعب المنال.
توضح “أم أحمد”، وهي موظفة حكومية:
“لكي أقضي يوماً واحداً مع أطفالي الثلاثة في المسبح، أحتاج إلى أكثر من 200 ألف ليرة، لذلك نكتفي بالذهاب إلى البحر، رغم الازدحام ومحدودية الراحة.”
حتى البحر له ثمن!
على الشواطئ العامة في اللاذقية، لا تُفرض رسوم دخول بشكل مباشر، لكن الواقع مختلف. إذ يُطلب من الزائرين دفع أجور الطاولات والكراسي والمظلات، والتي تتراوح بين 15 و25 ألف ليرة للشخص الواحد، ما يحوّل البحر – آخر المتنفسات المجانية – إلى مساحة شبه مأجورة.
يقول أحد الزوار لشاطئ وادي قنديل:
“إذا لم تدفع، لن تجد مكانًا للجلوس، حتى الجلوس على الرمل أصبح محكوماً بوجود مظلة أو طاولة مأجورة.”
إشارات خجولة
تمرّ المدينة الرياضية في اللاذقية بشكل خجول في هذا المشهد، حيث يشير مديرها موريس عبيد إلى محاولات لإطلاق دورات تدريبية برسوم رمزية، لكن الصعوبات المادية وضعف الصيانة تحدّ من قدرتها على استيعاب الأعداد الكبيرة أو توفير بدائل حقيقية للنوادي الخاصة.
حق لا رفاهية
في ظل هذه التكاليف، تصبح الرياضة الصيفية رفاهية لا يملكها الجميع، رغم ضرورتها التربوية والصحية، ما يدعو إلى خطط دعم حقيقية تشمل المدارس الرياضية والمسابح والشواطئ، لضمان أن يكون حق الطفل في اللعب والنشاط مصوناً، بعيداً عن ضغوط الدخل وظروف السوق.