الحرية – مها سلطان:
لم تتقاطع زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى البحرين مع جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كما كان متوقعاً على نطاق واسع، جاءت الزيارة سريعة في موعدها ومدتها، حيث تمت بعد ساعات قليلة من إعلان الرئاسة السورية عنها، ولم تتجاوز مدتها ساعات، ما بين الوصول والاستقبال واللقاء مع الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفه، ثم مراسم الوداع والمغادرة، لكن ذلك لا يعني أنها لم تكن محطة مهمة في سياق استعادة العلاقات السورية – العربية، واستقطاب الدعم العربي/السياسي والاقتصادي/ لبناء سوريا الجديدة، وفي الوقت ذاته لم تكن زيارة الرئيس الشرع للبحرين منفصلة عما تشهده المنطقة، أو بعبارة أدق، عما يمكن أن تشهده المنطقة (وسوريا بطبيعة الحال) في المرحلة المقبلة، في ظل كل ما يقال عن ترتيبات وخطط سيتم بحثها، أو التوافق عليها خلال جولة ترامب المقررة غداً الثلاثاء وتستمر لثلاثة أيام وتشمل كلاً من السعودية والامارات وقطر، ويتخللها قمة «عربية – أميركية».
عشية جولة ترامب.. المنطقة تتحضر لثلاثة أيام فارقة وحديث عن قمة خماسية بمشاركة الرئيس الشرع
ورغم أن الزيارة لم تتقاطع مع جولة ترامب، لكن الأخبار والتقارير المتداولة حول لقاء محتمل بين الشرع وترامب، لم تتوقف، بل هي اتجهت إلى مزيد من التأكيد، مدعومة بالاتصالين الهاتفيين أمس الأحد بين الرئيس الشرع وكل من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث جدد الأمير محمد بن سلمان التزام السعودية بدعم أمن سوريا واستقرار وتشجيع الحلول السياسية التي تحفظ وحدتها وتساهم في إعادة إعمارها، مؤكداً حرص بلاده على تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري مع سورية في المرحلة المقبلة.
بدوره أكد الشيخ محمد بن زايد تضامن الإمارات الكامل مع الشعب السوري ووقوفها إلى جانبه في جهود إعادة البناء وتحقيق الأمن، مشيراً إلى رغبة بلاده في توسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري مع سوريا خلال المرحلة المقبلة.
على مستوى البيانات الرسمية التي تناولت هذين الاتصالين لم يتم التطرق إلى ما تتناقله الأخبار والتقارير حول لقاء ترامب والشرع، وهذا متوقع، وإن كنا لا نحتاج إلى بيانات رسمية للربط والتحليل، ولا شك أننا في سوريا نترقب باهتمام وحماس هذه الأخبار والتقارير، فأن يتم اللقاء «وإن كان ضمن قمة خماسية يجري الحديث عنها» فهذا أمر مهم للغاية وسيشكل منعطفاً حاسماً وفارقاً، سواء على مستوى كونه خطوة كبيرة فيما يتعلق برفع العقوبات الأميركية وإعادة الإعمار، أو على مستوى استعادة سوريا لمكانتها الإقليمية والدولية من خلال انفتاح أميركي يُعد عملياً الشرط الأهم لتوسع الانفتاح الدولي على سوريا.
في التقارير المتداولة، يتم الحديث عن لقاء خماسي سيُعقد في العاصمة السعودية الرياض، سيضم ترامب والأمير محمد بن سلمان، إلى جانب الرئيس الشرع، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس اللبناني جوزيف عون.
صحيفة «القدس» نقلت عن مصدر مطلع قالت إنه رفض الكشف عن هويته، نقلت عنه قوله إن اللقاء الخماسي جاء باقتراح من الأمير محمد بن سلمان ولاقى موافقة من ترامب.
ويبدو أن المصدر لم يقدم المزيد من التفاصيل حول اللقاء، لكن سياق التحليل والتوقعات تبعاً لأطراف اللقاء، يتجه نحو انتظار نتائج مهمة، على مستوى سوريا وجوارها، خصوصاً وأن السعودية تبذل جهوداً كبيرة في سبيل دفع ترامب باتجاه الموافقة على إقامة دولة فلسطينية تضع نقطة نهاية للحرب على قطاع غزة، وتالياً للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي الذي يُقوض جهود دول المنطقة لتحقيق الاستقرار والأمن ويُعطل مسارات الاستثمارات والتجارة.
جولة ترامب تركز بالدرجة الأولى على الاقتصاد والاستثمارات، ومؤخراً تحدث بصورة مباشرة عن الإمكانيات الهائلة للمنطقة وربطها بالاقتصاد الأميركي، ولأجل هذه الإمكانيات الهائلة لا بد من توسيع دائرة الاهتمام والتحرك الأميركي نحو نطاقات أخرى في المنطقة.. ويبدو أن ترامب مقتنع بفكرة التوسيع وقد يكون «الإعلان الكبير» الذي تحدث عنه مرتبط بهذه المسألة، خصوصاً وأنه يتحدث عن «إعلان كبير» يقلب الموازين ويغير المسارات.
طبعاً من البدهي القول هنا إن جولة ترامب لا تخرج عن هدف إعادة تأكيد النفوذ في المنطقة في ظل منافسة الصين التي استطاعت خلال عقد مضى مزاحمة أميركا في العديد من المواقع الاقتصادية «والسياسية» خصوصاً في الدول الخليجية، وتحديداً السعودية.
ورغم أن جولة ترامب تكاد تسيطر حالياً على المشهد، إلا أنه لا يمكن عملياً التنبؤ بصورة قطعية بمخرجاتها، وإن كانت غالبية المحللين ترى أن مخرجاتها ستكون فارقة ومحطة فاصلة في تاريخ المنطقة.