“الشخصية الاستعراضية” عبر السوشيال ميديا.. إشباع لاحتياجات نفسية مؤجلة..

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية -دينا عبد:
يتحفنا العالم الرقمي اليوم بشخصيات غريبة وعجيبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي منها المثقفة التي تقرأ كتاباً وأخرى تعرض حياتها المنظمة والرياضية؛ هذا ما يحاول الكثيرون من رواد مواقع التواصل إظهاره عبر صفحاتهم الشخصية.
حتى وإن كانت زائفة أو غير حقيقية، قد لا تمثلهم، إلا أنها بالحقيقة يطلق عليها الشخصية “الاستعراضية” التي يرغبون بإظهارها عبر حساباتهم الشخصية يرافقها خوف من اكتشاف حقيقة أنفسهم من قبل الآخرين.

شخصيات استعراضية مزيفة

عاش طاهر (25 عاماً) في فترة من فترات حياته هذه الحالة، بحسب قوله، ويشرح: كنت أشارك صوراً لي وأنا أقرأ الكتب في محاولة لأظهر أمام الآخرين أنني إنسان مثقف وأحب القراءة، معترفاً أن الواقع كان عكس ذلك، فلم أكن من محبي القراءة بل كنت أجدها مملة، لكن كانت غايتي البحث عن الاهتمام وأن ينظر لي الآخرون باحترام وتقدير.
وبحسب قوله أن هذه الحالة كانت سرعان ما تنكشف عند ما يناقشه زملاؤه في العمل عن الكتب التي نشر أنه قرأها، ليتلعثم في الإجابة ويتوتر، ويرى في عيون الآخرين علامات استفهام.
لاحقاً أدرك (طاهر) أنه يمشي في طريق لا يشبهه، فاختار من بعدها ألا يكون غير نفسه ويشارك ما يعبّر عنه في صفحته الشخصية فقط.

اضطراب نفسي

برأي اختصاصية الصحة النفسية د. غنى نجاتي أن الشخصيات الاستعراضية هي في الحقيقة تبحث عن جذب الانتباه والاهتمام، وقد تكون من الداخل فارغة، وتفعل كل ذلك لتجذب قبولاً عند الآخرين وتظهر بصورة أفضل. ولدى سؤالنا د. نجاتي هل وراء هذا الاستعراض اضطرابات نفسية؟
أشارت خلال حديثها لصحيفتنا “الحرية” أن هنالك دوافع لاستعراض بعض رواد المواقع لتفاصيل لا تمثل شخصياتهم، وهذه الدوافع غالباً ما تعكس احتياجات داخلية غير مشبعة، وتكون لا واعية.
وذلك لأن الأشخاص يشعرون بأن قيمتهم تقاس بعدد الإعجابات وأرقام المتابعين، فيلجؤون لخلق صورة مثالية حتى ينالوا الحب والاعتراف من الآخرين.
وكذلك بغرض الهروب من الواقع، بمعنى أن هذه الشخصية حين تشعر أن حياتها الحقيقية عادية فأنها تلجأ لخلق نسخة مزيفة خيالية غير موجودة ولا تتطابق مع حياتها الأساسية لكنها تعكس ما تتمنى أن تكون عليه أو تحلم به.
“ببساطة، الدافع الأساسي غالباً هو إشباع لاحتياجات نفسية مؤجلة.

اختصاصية الصحة النفسية: تحمل تأثيرات سلبية جداً

ففي بعض الحالات تكون الشخصية الاستعراضية هي أحد أعراض اضطراب نفسي، موضحة أن أبرز الاضطرابات المرتبطة بها هي اضطراب الشخصية النرجسية التي يسعى الفرد من خلالها لخلق صورة مثالية عن نفسه، ويحتاج باستمرار إلى الإعجاب والتقدير.
وتوضح اختصاصية الصحة النفسية إلى الشخصية الاستعراضية وعلى المدى الطويل تحمل تأثيرات نفسية سلبية جداً، منها فقدان الهوية الحقيقية، حيث يصبح الشخص غير قادر على التمييز بين شخصيته الحقيقية والمصطنعة التي يعرضها للناس عبر السوشيال ميديا ويرافق ذلك قلق دائم، والسبب أن الحفاظ على هذه الصورة المثالية مرهق، حيث يعيش الفرد تحت ضغط الخوف من انكشاف حقيقته.
وختمت نجاتي بالتأكيد على أن هناك الكثيرين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يظهرون تصرفات عبر السوشيال ميديا ويستعرضون تفاصيل حياتهم بقوالب معينة لكنها في الحقيقة لا تشبههم.
ودعت نجاتي من يمثلون الشخصية الاستعراضية إلى الرجوع لحياتهم الطبيعية لكسب الأصدقاء، فغالباً من يمثلونها يخسرون علاقاتهم الاجتماعية تدريجياً ويفقدون الثقة بمن حولهم.

Leave a Comment
آخر الأخبار