الحرية – محمد زكريا:
ربما هو ليس بالخبر السار على مرضى السرطان وأسرهم، وذلك عندما تعلن وزارة الصحة عن قرب نفاد كافة أصناف الأدوية السرطانية. المهم أن الوزارة لم تخفِ واقع هذه الأزمة، حيث بدأت المؤتمر الصحفي الخاص بهذه الأزمة بالمصارحة والمكاشفة دون التستر أو الهروب من مسؤوليتها، حيث دقت ناقوس الخطر حيال تأمين أدوية الأورام السرطانية، ولم يعد بمقدورها حالياً سوى أن تستنجد بالداعمين الحقيقيين، سواء كانوا من الأشقاء أم الأصدقاء أو عبر المنظمات الإنسانية الدولية، وحسبما أشار إليه المعنيون في وزارة الصحة، فإن نفاد المخزون الأساسي والاحتياطي من هذه الأدوية، سيتم خلال الأسابيع القليلة القادمة مالم تتحرك بعض الجهات، سواء الخارجية أو الداخلية بتأمين تلك الأدوية ولو على شكل دفعات.
المعنيون في وزارة الصحة أكدوا خلال المؤتمر وجود أزمة حادة في توافر أدوية السرطان في سورية، موضحين أن هذه الأزمة تعد من أبرز التحديات التي تواجهها وزارة الصحة، لما لها من تداعيات خطرة على حياة مرضى السرطان.
نداء عاجل
مدير التخطيط والتعاون الدولي في الوزارة الدكتور زهير قراط توجه بنداء عاجل وحالة إنسانية إسعافية تستحق الوقوف معاً كحالة طوارئ إنسانية تتطلب تدخلاً فورياً من جميع المعنيين في مجال الصحة العامة ، معتبراً أننا أمام أزمة طبية خطيرة مع مرضى السرطان، حيث لم يبق من المخزون لتلك الأدوية سوى كميات قليلة ولعدد محدود من الأصناف.
وطلب من المنظمات الدولية التدخل وتقديم يد العون لمرضى السرطان في سوريا، حيث بات الأمر مقلقاً لدرجة أن الوزارة بدأت بالتواصل مع كل الجهات ذات الصلة لتأمين ما استطاعت من هذه الأدوية، موضحاً أن الوزارة على استعداد كامل لرسم خارطة طريق عملية تهدف وتضمن وصول العلاج وتلك الأدوية لمستحقيها.
أعداد المرضى
مدير البحوث و الرقابة الدوائية في الوزارة الدكتور إبراهيم الحساني أشار إلى خطورة فقدان تلك الأدوية، ولاسيما أنها تهدد المرضى بالموت بشكل مباشر، وأنه في ظل هذا النقص الحاد في الأدوية، فإن آلاف المرضى في سوريا عرضة لفقدان الفرصة في العلاج المناسب والفعال، مع الإشارة إلى وجود أكثر من 17 ألف حالة مرضية سرطانية سنوياً، و يضاف إليهم 1.5 ألف حالة للأطفال، في حين يبلغ عدد المراكز التابعة للوزارة لتلقي علاج السرطان 19 مركزاً موزعين على مختلف المحافظات السورية، موضحاً أنه لا يوجد سوى معمل واحد، وهو خاص ينتج بعضاً من الأصناف الخاصة بأمراض السرطان، ومعملين آخرين قيد التراخيص.
ونوه بأن جميع العقود المبرمة مع الوزارة لجهة تأمين الأدوية، سواء السرطانية أو الأدوية الأخرى متوقفة لحين الانتهاء من مصداقيتها وشفافيتها.
نقص حاد
رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لمرضى السرطان الدكتور جميل الدبل، بيّن أن حالة الفقر التي يعاني منها المواطن السوري حالياً، بالإضافة لصعوبة تأمين بعض الأدوية وغلاء ثمنها، كل ذلك يؤدي إلى زيادة المعاناة والتي تتضاعف مرات ومرات عديدة عند مرضى السرطان في سوريا، بسبب ندرة توافر أدوية السرطان فيها حالياً، وارتفاع ثمنها وعدم قدرة المرضى على شرائها، حيث لا يتوفر لدينا حالياً سوى 20 من الاحتياجات الفعلية في أحسن الأحوال لبعض أنواع السرطانات، بينما نفدت الكمية تماماً لأنواع أخرى، ما ينذر بكارثة صحية تطول الأطفال واليافعين على حد سواء.
وأوضح الدكتور الدبل أن السرطان يعد من أكثر الأمراض فتكاً، ويشكل تهديداً حقيقياً لحياة العديد من المرضى، وبالتالي وفي ظل هذا النقص الحاد في الأدوية، فإن آلاف المرضى في سوريا عرضة لفقدان الفرصة في العلاج المناسب والفعال ، ما يزيد من نسبة الوفيات ويعمق معاناة الأسر التي تعاني بالفعل من الأعباء النفسية والمالية الناتجة عن هذا المرض .
وأضاف الدكتور الدبل: لذا فإننا ندعو وسائل الإعلام المحلية والدولية إلى تسليط الضوء على هذه الأزمة الصحية الحرجة، بالإضافة إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الحكومة والمنظمات الصحية المحلية لمحاولة تأمين الإمدادات الأساسية من الأدوية اللازمة والإسعافية لمرضى السرطان في سوريا ، كما نطلب من المجتمع الدولي تقديم الدعم المطلوب، سواء كان من خلال التبرعات أو المساعدات الإنسانية لضمان وصول الأدوية اللازمة لإنقاذ الأرواح ، ونوه بأن نشر الوعي حول هذه المشكلة يمكن أن يحدث فارقاً كبيراً وينقذ حياة العديد من الأشخاص، نحن بحاجة إلى صوت الإعلام القوي لنشر هذا النداء والتأكيد على أهمية العمل الجماعي في مواجهة هذه الكارثة، التي ستحل خلال أسابيع قليلة على مرضى السرطان في سوريا وأسرهم، وتزيد المعاناة وتكون سبباً في فقد الأرواح وزيادة الألم وتعميق الشعور باليأس.