الصيد الجائر بالديناميت يهدّد المهنة التراثية لصناعة الصمديات والتحف الصدفية في جزيرة أرواد  

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- وداد محفوض:

تعدُّ التحف والصمديات المصنوعة من الصدف هويةً تميز جزيرة أرواد التابعة لمدينة طرطوس، كما تعدّ من المهن التراثية العريقة التي تترجم علاقة الانسجام والتماهي بين البحر وسكان الجزيرة، حيث يقوم سكانها بتشكيل وتنسيق الصدف ومنتجات البحر وتحويلها إلى إكسسوارات تزينية وأعمال فنية مميزة تحمل خصوصية المنطقة، جاذبة للسياح والزوار ليقتنوا قطعاً لامثيل لها في أي مكان آخر.

عثمان يمق من سكان جزيرة أرواد تحدث لصحيفتنا “الحرية” بحب عن هذه المهنة التراثية التي ورثها عن أبيه، فهو يعمل بها منذ 50 عاماً، بكل مشاقها وعلى قدر ما هي ممتعة وتحمل الفن إلا أنها متعبة، تحتاج إلى تركيز وإتقان وتأن، وأكد أنه رغم كل الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت على سوريا الا أنهم يحاولون الحفاظ على هذه المهنة التراثية من الاندثار بكل جد وجهد، فهي بالنسبة لهم هوية وتاريخ وموروث تتناقله الأجيال من الجد إلى الحفيد، إضافة إلى أنها فرصة عمل ومورد رزق لأبناء الجزيرة.

وأشار في حديثه إلى أنه يجمع الصدف من البحر ليقوم بتنظيفها من رواسب البحر وبقايا الرخويات الموجودة فيها، وبعدها يعقمها ولتبدأ عملية الصناعة لإكسسوارت زينة كالأطواق والأساور وأيضاً المريا والصمديات وصناديق متعددة الاستخدام كعلب المحارم و صناديق المجوهرات وقجة النقود (المطمورة) والأحرف والمزهريات والثريات وغيرها.

وبيّن يمق أنهم كانوا يعانون قبل التحرير من تأمين بعض أنواع الصدف المستوردة ومواد أخرى لزوم الصناعة، بسبب العقوبات المفروضة على سوريا، إضافة إلى دفع الإتاوات والرشاوى ما يزيد من التكلفة، وبالتالي زيادة في سعر القطع المصنعة، أما الآن فهناك حرية في العمل وسهولة في تأمين المواد الأولية وبرسوم بسيطة، فانخفضت الأسعار بنسبة 40%.

وأكد يمق أن سكان الجزيرة يتبعون بأسلوبهم سياسة الترغيب لجذب الزبون، من خلال الأسعار المدروسة والمقبولة إضافة الى التجديد وإدخال روح العصر على المنتجات التي تتناسب مع جميع الأذواق، حيث تم إدخال بعض الآلات البسيطة للعمل إلى جانب العمل اليدوي الحرفي الإبداعي لتوفير الوقت وتمكين الحرفي من ابتكار الموديلات الجديدة التي تناسب مختلف الأذواق .

وعن حركة البيع للسياح والزوار نوّه يمق بأنها ازدادت بشكل ملحوظ وخاصة من الشمال السوري كإدلب وحلب محلياً، وهناك إقبال كبير للسياح من الدول العربية كفلسطين والأردن ولبنان ومن الدول الأجنبية كالسويد وألمانيا والنروج وكندا، وأضاف مع نشاط السياحة وحركة القادمين لطرطوس وجزيرة أرواد.

ولفت يمق إلى أن حركة التصدير والتجارة تحسنت حيث أصبحوا يسوّقون بضاعتهم لعرضها على الشطوط على امتداد الساحل السوري (الشاطىء الأزرق ورأس البسيط والبدروسية وكورنيش طرطوس وجزيرة أرواد،) ليراها كل من يئمها من زوار وسياح.

وأمل يمق من الحكومة الإعفاء من الرسوم الجمركية، ولو بشكل جزئي لأن مهنتهم تراثية تحتاج إلى دعم وتذليل العقبات لتنشط وتزدهر لإنقائها من الاندثار والزوال.

واشتكى يمق من الاستخدام الخاطئ والجائر لصيد السمك بطريقة تفجير الديناميت، وأن الأمر يحتاج إلى مراقبة ومعالجة فورية ممن يتعدى على بحرنا وخاصة حول جزيرة أرواد وجزيرة الحباس وشط طرطوس، فالصدف تتواجد بشكل كثير فيها وبأنواع نادرة وجميلة، لكن الديناميت أخفاها وأخفى الإسفنج الطبيعي وفتت الصخور في القاع، حيث يعشعش الصدف والسمك فيها، وخاصة المنطقة الموجودة بين أرواد وشاطىء المنارة.

موضحاً أن جغرافيا قاع البحر تغيّرت وشح فيها كل شيء، مبيناً أن السمك حساس يهاجر عند سماعه أصوات التفجير، فالكائنات البحرية، كالصدف تحتاج إلى بيئة مناسبة للعيش والتكاثر، وأكد منع الديناميت ولو لشهر يستطيع البحر الرجوع إلى حركته بموارده الطبيعية من سمك وإسفنج وصدف ويضاعف مردوده لسنة قادمة.

Leave a Comment
آخر الأخبار