العملة الجديدة رمز للسيادة المالية النقدية وأحد رموز الانتصار

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية ــ رفاه نيوف:

يستعد السوريون لاستقبال العام الجديد 2026 بإصدار العملة الوطنية الجديدة، في خطوة يُنظر إليها على أنها محطة مهمة في مسار تعزيز السيادة المالية وترسيخ الاستقرار النقدي، وهذا الإصدار المرتقب يحمل في طياته آمالاً كبيرة بانعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني، وبما يسهم في تحسين الواقع المعيشي للمواطنين وفتح آفاق أوسع للتعاملات المالية الحديثة.

العنصر الأكثر شمولية

الخبير الاقتصادي والاستشاري الإداري الدكتور عبد الرحمن تيشوري يؤكد لـ «الحرية» أن أي نظام اقتصادي حديث ومرن ومتطور يرتكز في تأدية وظيفته على النقود، والتي يؤدي استعمالها إلى اتساع نطاق التبادل بين الأفراد والكيانات الاقتصادية، وعلى تطور المجتمعات الإنسانية والدول. وتُعتبر النقود أهم عنصر في الحياة الاقتصادية، وحالها كحال الدم في الجسد، فهي العنصر الأساسي والأكثر شمولية في السوق المالية النقدية.

تضخم كبير

ويشير تيشوري إلى أن العملة السورية تعاني من تضخم كبير وصل إلى 1000 أو 2000٪، وبالتالي فإن القوة والقيمة الشرائية لهذه العملة غير مجدية، إضافة إلى وجود صور على بعض فئاتها لرموز النظام البائد، ومن الطبيعي إزالتها من أوراق العملة الجديدة.
وفي علم الاقتصاد، للنقود وظائف كثيرة أهمها قياس قيم السلع والخدمات، واليوم تُعد الليرة السورية معياراً لحساب قيم الأشياء. وكما ذكر تيشوري، فإن التضخم كان كبيراً جداً نتيجة الحصار والحرب التي عانت منها سوريا على مدى 14 عاماً، وهو ما خرج عن الحدود الطبيعية المقبولة في الاقتصاديات العالمية، ليصبح تضخماً جامحاً. لذلك أصبح من الضروري معالجته عبر إصدار عملة جديدة، وهو ما يُعتبر نوعاً من السيادة الوطنية المالية النقدية بعد تحقيق التحرير السياسي وسقوط النظام البائد.
وأشار إلى أن كل دولة عند إصدار عملتها النقدية الورقية يجب أن يكون لديها تغطية ذهبية مقابلة لحجم العملة المتداولة، موضحاً أن المصرف المركزي يمتلك اليوم 26 طناً من الذهب، وهي تغطية لعملية النقود المتداولة البالغة أكثر من 40 تريليون ليرة سورية.

تنظيم التداول النقدي

ويرى تيشوري أن الهدف من العملة الجديدة هو تنظيم التداول النقدي وتيسيره، وليس إحداث أي صدمة في سلوك المواطن كما يروّج البعض، بل هو إجراء إيجابي على المدى القريب والبعيد. وأكد أنه لا توجد أي سلبيات من وجهة نظره، داعياً المواطنين إلى الاطمئنان وعدم التسرع في استبدال العملة التي بحوزتهم، حيث إن الأجل للاستبدال غير محدد، وستتعايش العملة القديمة مع الحديثة لمدة قد تصل إلى خمس سنوات. لكنه شدد على أن إنهاء وجود العملة القديمة بشكل أسرع سيكون أفضل للاقتصاد.
وأوضح أن الدولة خططت جيداً لهذا الإجراء، وأن اللجنة التي شكّلها حاكم المصرف المركزي بعد صدور مرسوم العملة الجديدة أخذت جميع هذه الأمور بعين الاعتبار. كما دعا المصارف والبنوك السورية وشركات الصرافة والمؤسسات المالية إلى العمل على استبدال العملة، مشيراً إلى أن المواطن الذي يملك رصيداً في أي مصرف بقيمة مليوني ليرة، سيتم حذف صفرين منها لتصبح 20 ألف ليرة بالعملة الجديدة، مع الحفاظ على نفس القوة الشرائية.

بناء ثقة جديدة

ويؤكد تيشوري أن على المؤسسات المالية والبنوك وشركات الصرافة العاملة في القطاع المالي والبنكي أن تبني ثقة جديدة بالاقتصاد السوري والمصرف المركزي والعملة الجديدة، بما ينعكس إيجاباً على الحالة الاقتصادية في سوريا وعلى المبادلات.
وأشار إلى أن سوريا اليوم في مرحلة مهمة جداً، وأن هذا الإجراء سينعكس إيجاباً على التبادل الاقتصادي والعلاقات الاقتصادية مع الخارج، وعلى عمليات الاستيراد والتصدير. كما شدد على أهمية أن تراعي العملة الجديدة العادات والقيم الاجتماعية والشرعية السائدة، بما يضمن عدالة الانتقال وحقوق المواطنين والمودعين وكل من يمتلك العملة النقدية القديمة.

أحد رموز الانتصار

وتابع تيشوري حديثه بالقول إن هذه الخطوة تُعد أحد رموز الانتصار السوري، ورمزاً للسيادة المالية النقدية التي ستنعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني. وأوضح أن النقد هو قوة شرائية عامة ويصلح كمخزن للقيم، وأن العملة الجديدة ستكون أكثر قدرة على أن تكون مخزناً للقيم مقارنة بالعملة السابقة، وستتعرض للعرض والطلب، فيما سيقوم المصرف المركزي بمراقبة السوق ووضع السياسات المالية والنقدية بناءً على حجم العملة المطروحة.
وأكد أن الإصدار الجديد سيكون له تأثير إيجابي كبير من ناحية سهولة حمله ونقله وتخزينه وعدم قابليته للتلف. وختم بالقول إن هذا الإجراء سليم ومفيد، داعياً إلى عدم القلق والصبر وعدم التسرع في استبدال العملة وعدم الانقياد وراء الشائعات، مؤكداً أن هذه الخطوة ستنعكس إيجاباً على الاقتصاد والليرة السورية وعلى جميع مناحي الحياة.

Leave a Comment
آخر الأخبار