الحرية- نصار الجرف:
في مساء شعري جميل، وفي جو من المحبة والسلام، تعانقت فيه الأرواح بين الشعر والأدب، حيث التقى ثلة من الشعراء من مدينة سلمية وآخرون استضافتهم المدينة من إدلب الخضراء وريف حماة الشمالي، وذلك في قاعة جمعية “لنبدع معا” في سلمية، التي لم يتوقف نشاطها البتة، بإشراف رئيس مجلس إدارة الجمعية الشاعر والأديب مهتدي غالب، وبحضور ذواقين وتواقين للشعر والقصيد، إذ اجتمع الأدب مع الشعر في أمسية عنوانها “الشعر والمحبة والسلام” حيث اللهفة للقصائد بحضورها المكاني والزماني.
استهل البرنامج الثقافي مع الأديب والباحث مهدي الشعراني، الذي قدم فقرة “ورقة ثقافية، وكانت ورقته حول الكتابة وأهميتها وتطورها التاريخي والفكري، منذ ظهور الحرف الأول في أوروك السومرية إلى أبجدية أوغاريت، عارضاً لمفهوم الكتابة عند الفلاسفة والأدباء والكتاب بلوحة مميزة بإلقائه الجميل الذي يكتشف ينابيع المعرفة في قلوب المتلقين، حيث قدم الباحث الشعراني تعاريف عدة للكتابة منها أنها السيل الفكري الذي يستدل منه العقل حروفاً، كما قدم أراء الفلاسفة في الكتابة، حيث عرفها أفلاطون بأنها “مابين السم والترياق” فيما رآها جان جاك روسو “تنمية معرفية” أما جاك دريدا فوجدها أكثر من وعاء للكلام، بل هي وليد لغوي، كما عرض الشعراني تعاريف أخرى للكتابة فهي “لاتقود إلا إلى المزيد من الكتابة” مختتمًا برأي للشاعر نزار قباني بأنها “عمل انقلابي”.
لتبدأ بعد ذلك المشاركات الشعرية، حيث اعتلت المنبر الشاعرة سناء بدرة وقدمت ثلاثة نصوص بالشعر المحكي عناوينها “سلمية، حلم وشوية ذكريات، أمي” تناولت فيها حنين الغريب المشتاق إلى مكان مولده وبيئته.
ليشارك بعدها الشاعر الضيف بحضوره الثري، محمد أيهم سليمان، القادم من أريحا بمحافظة إدلب، قدم لمحة تعريفية عن حياته، ثم ألقى أولى قصائده بهذه المشاركة بعنوان “صدى المنفى” خليلية، يحكي فيها عن غربة المهجرين وغربة المقيمين في زمن استهلك إنسانية الإنسان بوحشيته المدمرة، نقتطف منها:
يصبُّ على طريقِ الدارِ صبرَا
لينسُجَ من دموعِ العينِ شِعرَا
مسيرتهُ معَ الأوجاعِ باتتْ
جراحًا تزرعُ الآفاقَ قهرَا
وختمها بالقول”
فصبركَ شامةٌ في خدِّ شمسٍ
محالٌ أن تُرى للناسِ جهرَا
ونصرُ الحرِّ أن يحيَا كريمًا
وإلا فليكنْ موتًا وقبرَا
ثم ألقى قصيدتين غزليتين الأولى بعنوان “مسك الغرام”
أنَا عاشقٌ والعشقُ يُثقلُ خافقِي
قلبِي يُزَلزَلُ في خُطَا الفُرسانِ
سلَّمت أبطالَ القوافِي ثَورتِي
ونَسيت أنِّي شاعرٌ بزمانِي
ومن قصيدته “حمالة العبق”:
تعبتُ حملَ سيولِ الشوقِ في قلمٍ
يعيشُ وسطَ حكاياتٍ من القلقِ
هبِّي على الصدرِ إنِّي قلتهَا أبدًا
الحبُّ كالحربِ إنْ لاحتْ على الأفقِ”
وقد استطاع الشاعر محمد سليمان أن يأخذنا إلى غيومه الجمالية التي أمطرت المتعة والمعرفة في حقول المتلقين، غازلة خيوطاً من نور المتعة والجمال.
قدمت تالياً الشاعرة لميس عياش من سلمية، قصائد أخذت الحضور إلى عوالمها الجمالية لتتهدى سفينة الشعر والجمال مع صوتها الهادىء واصلة بالمتلقي إلى بر السلامة والإمتاع والشاعرية الراقية، مقدمة قصيدة وجدانية وإنسانية تروى بدراما الشاعرية عشقها للإنسان ونهلها من عذب مياه المحبة والعطاء، بصفاء ونقاء الكلمة المحبة والناهدة صوب حقيقة الحياة وكانت عناوينها “لم أكن أدري، عيناه”.
ختام الأمسية كان مع الشاعر محمد مالك الشيخ أحمد “شاعر المها” من مدينة مورك، الذي ينتمي إلى مدرسة نزار قباني الشعرية في الغزل والشاعرية والجمال، حيث ألقى مجموعة من قصائده الغزلية المعمدة بأحاسيس العشق والحياة والمعاناة منها قصيدة “دمشق يا حبيبتي” يقول فيها:
ياشامنا الفيحاء ياحبيبة
لأجلها سنبهر الظنون
نستعذب الأهوال والمنون
أقسمت بالإله في يقين
أنا لحضن المجد عائدون.
بعد ذلك قرأ مجموعة قصائد غزلية أخرى كانت عناوينها “يا نورسة البحر، الورقاء، كأس المدام، أنا ما قتلتك، وعلى عينيك تختصر البدور”:
على عينيك تختصر البدور
ومن شفتيك تعتصر الخمور
وفوق جبينك الوضاء سحر
وآفاق تزار ولا تزور.
قدّم الأمسية كل من الشاعر علي شهاب وسوزان القصير.