ترقب وتفاؤل.. سوريا ما بين انتخابات برلمانية ومشاركة الرئيس الشرع في القمة الروسية- العربية

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – مها سلطان:
عشرة أيام ستفصل بين تطورين هامين لسوريا، خلال تشرين الأول المقبل والذي نحن منه على بعد يوم واحد فقط، التطور الأول داخلي يتمثل في الانتخابات البرلمانية المقررة في الخامس من الشهر المقبل، والتطور الثاني هو مشاركة سوريا في أول قمة روسية- عربية ستعقد في الـ15 من الشهر نفسه في العاصمة الروسية موسكو.

بالأمس تم إغلاق باب الترشح لعضوية مجلس الشعب على مستوى الدوائر الخمسين المنتشرة في عموم سوريا وفق إعلان رسمي من رئيس اللجنة العليا للانتخابات محمد طه الأحمد الذي أشار إلى أن عدد المرشحين بلغ 1578 مرشحاً «نسبة النساء منهم بلغت14%» وقد بدأت الدعاية الانتخابية من صباح اليوم وتنتهي مساء يوم الجمعة المقبل، على أن يكون السبت يوم صمت انتخابي، ليكون يوم الاقتراع صباح الأحد المقبل بدءاً من الساعة التاسعة صباحاً حتى يُغلق باب التصويت، وتبدأ عمليات فرز الأصوات اعتباراً من الساعة الرابعة مساءً.
هذا إعلان مبشر للسوريين الذي يتابعون ويترقبون مسار العملية الانتخابية وصولاً إلى محطتها النهائية، دون أن يغفلوا في الوقت ذاته رصد كل صغيرة وكبيرة متعلقة بسوريا على المستوى الخارجي، إقليمياً ودولياً، وهم بالعموم كانوا في حالة انشغال قصوى بمتابعة مشاركة الرئيس أحمد الشرع في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وما رافقها من نشاطات ولقاءات مكثفة على أعلى المستويات، وعلى رأسها لقاؤه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومجمل التصريحات الإيجابية التي صدرت عن مسؤولين أميركيين ودوليين وبما وسّع دائرة التفاؤل والأمل، وبأن سوريا باتت على الطريق الصحيح.

يترقب السوريون مسار الانتخابات البرلمانية باهتمام بالغ دون أن يغفلوا في الوقت ذاته رصد كل صغيرة وكبيرة متعلقة ببلادهم على المستوى الخارجي

اليوم يترقب السوريون أول انتخابات تشريعية بعد سقوط النظام السابق والتي تعد ركناً أساسياً في بناء دولة المؤسسات والقانون، وبعدها يترقبون مشاركة الرئيس الشرع في القمة الروسية – العربية بعد تلقيه دعوة رسمية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أكد حرصه واهتمامه بمشاركة الرئيس الشرع.
لا شك أن هذه القمة تحمل أهمية مضاعفة خصوصاً أنها تأتي بعد مشاركة الرئيس الشرع في اجتماعات الجمعية العامة ولقائه ترامب، وكان ضمن المشاركة لقاء جمع بين وزير الخارجية أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف بحضور مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة ابراهيم العلبي والوفد المرافق، ولا بد أن اللقاء تطرق إلى القمة الروسية العربية ومشاركة الرئيس الشرع فيها.
هذه المشاركة «مشاركة الرئيس الشرع في اجتماعات الجمعية العامة» عملت على تثقيل دور سوريا وأهميتها وأعطتها «ورقة وازنة» في حال كان هناك لقاء بين الرئيس الشرع والرئيس بوتين، وهو لقاء متوقع بصورة كبيرة، لناحية أن روسيا تعتبره مهماً وضرورياً لتوجيه رسائل معينة لجهات محددة، على رأسها أميركا حول دورها ومكانتها في سوريا والمنطقة، ويهمها في هذا الإطار التأكيد بأن مساعيها لاستعادة دورها ومكانتها في سوريا تخرج بنتائج إيجابية، ولكن هذه الاستعادة ليست عودة إلى نفس الدور والمكانة وإنما هذه المرة على قاعدة الندية لا التبعية، وعلى قاعدة المصالح والاحترام المتبادل وليس على قاعدة مصادرة السيادة والقرار، «وإلى جانب اللقاء مع بوتين، من المتوقع حصول لقاءات عدة بين الرئيس الشرع ورؤساء ومسؤولين عرب».
وكان الشيباني التقى لافروف في تموز الماضي خلال زيارته لموسكو برفقة وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، وكانت الزيارة الرسمية الأولى بعد سقوط النظام السابق. وخلال مؤتمر صحفي مشترك أكد لافروف دعم روسيا لتنمية العلاقات مع دمشق على أساس الاحترام والمصلحة المتبادلة.
وفي 12 أيول الجاري، خلال مقابلة مع قناة «الإخبارية» تطرق الرئيس الشرع إلى العلاقة مع روسيا، موضحاً أنها تحظى بأهمية بالغة نظراً للتاريخ الطويل الذي يربط البلدين، مؤكداً ضرورة الحفاظ على هذه الروابط وإدارتها بحكمة وروية. ولفت إلى المكانة الدولية لروسيا معتبراً أن البناء على هذه العلاقة يجب أن يتم وفق مبادئ احترام سيادة سوريا واستقلال قرارها الوطني. وأكد أن المصلحة السورية تظل دائماً في صدارة الأولويات.

بقدر ما تتركز الأنظار على الانتخابات بقدر ما تتركز أيضاً على مشاركة الرئيس الشرع في القمة الروسية العربية وعلى لقاء متوقع بينه وبين الرئيس بوتين

عملياً، تعول روسيا بشكل كبير على هذه القمة التي هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات الروسية العربية، خصوصاً وأنها تأتي في ظل تحولات إقليمية/ دولية معقدة، حيث تسعى موسكو إلى توسيع حضورها الاستراتيجي في العالم العربي عبر ملفات التعاون السياسي، والاقتصادي، والطاقة، والأمن الإقليمي. ويرى مراقبون أن هذه القمة تمثل منعطفاً جديداً في علاقات روسيا مع الدول العربية، لا سيما الخليجية في ظل تزايد الحوارات مع مجلس التعاون الخليجي بشأن الأمن والطاقة. وحسب مصادر دبلوماسية من المتوقع أن تخرج القمة بإعلانات مهمة ومبادرات مشتركة تمسّ قضايا المنطقة.
ووفق مراقبين فإن هذه القمة تحمل دلالات سياسية أبعد وأعمق، فهي لا تقتصر على كونها لقاءً دبلوماسياً تقليدياً، بل هي محاولة روسية واضحة لإعادة ترتيب تموضعها في المنطقة وتقديم نفسها من جديد كشريك رئيسي للعالم العربي في مرحلة ما بعد الصراعات.

Leave a Comment
آخر الأخبار