القمة العربية الطارئة واحتمالات التأجيل… الشيباني في الرياض بالتزامن مع اجتماع أميركي- روسي غداً.. ماذا في الأجواء؟

مدة القراءة 8 دقيقة/دقائق

الحرية – مها سلطان:
ماذا يعني أن يُصرح حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أن القمة العربية الطارئة المقرر عقدها في القاهرة في 27 شباط الجاري، «قد تتأجل بضعة أيام لأسباب لوجستية» وفق حديثه لبرنامج «كلمة أخيرة». ثم اتباع ذلك بالقول: الهدف من القمة صياغة موقف عربي صلب ومتماسك تجاه القضية الفلسطينية في ظل مخاطر التهجير التي تتبناها “إسرائيل” بدعم أميركي.
ماذا يعني ذلك؟
مبدئياً، سنستقي الإجابة من التصريح نفسه، بجملة أسئلة قد لا تكون لها إجابات وافية حالياً بانتظار الأيام القليلة المقبلة وما قد ينتجه حراك عربي/ إقليمي/ دولي تشهده المنطقة بخصوص قطاع غزة (وحل الدولتين بشكل عام). تجدر الإشارة هنا أن زكي لم يحسم موضوع التأجيل الذي قد لا يحدث، وهذا مرتبط حتماً وحكماً بذلك الحراك المعلن جداً، بجميع عناوينه.
الآن..
1 – هل تصريح زكي معناه عدم وجود موقف عربي صلب، بمعنى موحد، تجاه المطروح بشأن غزة، وحركة حماس تحديداً، بقاؤها أو مغادرتها؟

مستويات ثلاثة
بالعموم هناك تصريحات عربية مختلفة في مستوياتها، يمكن أن نميز اثنين رئيسيين ضمنها، الأول من قبل الدول المعنية مباشرة بقطاع غزة/مصر والأردن/.. (والسعودية معهما بعد التصريحات الإسرائيلية حول إقامة دولة فلسطينية على أراضيها الشاسعة، ما أثار غضب القيادة السعودية التي أعلنت تمسكها بموقفها المتمسك بحل الدولتين، ودعمها الكامل لمصر والسعودية). هذه الدول تعمل على إحباط مخططات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تتركز حول تهجير أهل غزة إلى مصر والأردن، وتحويلها إلى«ريفييرا» الشرق الأوسط. هذا هو الحل الوحيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جهة، ولجلب السلام والاستقرار إلى المنطقة، من جهة ثانية… برأي ترامب. لكن مصر والأردن تريان أن هذا استهداف مباشر لهما ولأمنهما القومي والديموغرافي. وقد شهدت الأيام القليلة الماضية مشاورات مكثفة بينهما في أعقاب زيارة الملك الأردني عبد الله الثاني واشنطن ولقائه ترامب، الأسبوع الماضي. ويبدو أن الزيارة لم تكن موفقة تماماً. وكانت مصر صرحت بأنها تعكف على وضع خطط بديلة لخطط ترامب، وأنها بحكم الجاهزة.
المستوى الثاني هي الدول المعنية بصورة سياسية (وليس الجغرافية) وهي أقل تشدداً من دول المستوى الأول، إذا جاز لنا التعبير، وترى أنه لا بد من توسيع المرونة في التعامل مع مستقبل غزة، ومع حماس، بعد عام وأربعة أشهر من الحرب الإسرائيلية، والتي لم تنتهِ عملياً، لا على الأرض، ولا على مستوى فاتورة الدم المفتوحة التي قاربت مستوى 50 ألف ضحية فلسطينية، وعشرات آلاف الجرحى، ومئات آلاف المهجرين.

سياقات غير مكتملة قد تؤجل القمة العربية الطارئة… هل من مؤشر سوري لتزامن وجود الشيباني في الرياض مع اجتماع أميركي- روسي غداً؟

المسألة المطروحة هنا من قبل هذه الدول، إنه لا التوقيت ولا الظروف تسمح بالمزيد من إضاعة الوقت والفرص. لقد وصلت الأمور إلى خواتيمها، ولا بد من إيجاد حل عربي، دونه حل أميركي سيفرض بقوة (الجحيم الذي يهدد به ترامب).
ويمكن الإشارة إلى مستوى ثالث، هو الدول العربية الأبعد، والتي تنقسم بين دول المستويين الأول والثاني.

لوجستيات التأخير
2- هل أن تصريح زكي معناه الوصول إلى قناعة من نوع ما أن هذه القمة ستكون كسابقاتها. ستخرج ببيان ختامي ولجان متابعة، ولا نتائج على الأرض، وهذا يستوجب إعادة صياغة «اللوجستيات» التي يقوم عليها مسار التحضير للقمة للوصول إلى موقف مؤثر يسقط مخطط التهجير؟

هذا ما يُفهم من ربط زكي مسألة التأجيل بأسباب لوجستية.
عملياً، ليس وارداً أن تكون القمة كسابقاتها وإلا لا داعي لها، وفق فريق واسع من المحللين والمراقبين، الذين يرون أن الفشل لم يعد خياراً، فهو سيكون أكثر كارثية في نتائجه من «جحيم» ترامب. تطورات الملف الفلسطيني وصلت مرحلتها الأشد خطورة، ولا بد من ثقل عربي عملي يخترقها بصورة لا يخرج معه هذا الملف من اليد العربية كلياً.

اجتماعات الرياض
3- لنوسع الدائرة..
هل أن تصريح زكي مرتبط بمجريات اجتماع أميركي- روسي من المقرر أن تستضيفه الرياض غداً الثلاثاء؟
ربما.
لنأخذ هنا تصريحات الكرملين اليوم الإثنين التي قال فيها إن «روسيا مستعدة لمناقشة الوضع في المنطقة مع الولايات المتحدة في الرياض». وهذا طبعاً من ضمن عدة ملفات ضخمة ستكون على الطاولة، أبرزها التحضير للقاء ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (وفق مسؤولين أميركيين سيكون في موعد لا يتجاوز نهاية شباط الجاري).
غير خاف أن اللقاء الذي سيكون في السعودية، وفق التصريحات حتى كتابة هذه السطور.. سيتناول الملفات نفسها، وفق النتائج التي توصل لها الاجتماع، أو النقاط الوسط التي نجح في الوصول إليها. هذا يعني أن روسيا بالعموم ستتخذ موقفاً داعماً لخطط ترامب، أو أنها لن تتدخل، ما يعني أن أميركا ستكون طرفاً دولياً وحيداً (يقابله طرف عربي غير متوافق حتى الآن) في رسم مستقبل قطاع غزة (وبما ينهي مسار حل الدولتين). وهنا تتركز جميع المخاوف.
تعزيزاً لهذه النقطة الأخيرة نورد تصريحاً آخر ضمن تصريحات الكرملين يقول:« الاتصالات بين موسكو وواشنطن في الرياض ستركز بشكل رئيسي على استعادة مجمل نطاق العلاقات الثنائية».. ونوضح هنا أن هذه التصريحات نوردها وفق ما جاءت في وسائل الإعلام الروسية.
إذا كان حسام زكي يقول إن التأجيل لعدة أيام فقط، فربما يصب ذلك في التحليلات التي تتحدث عن انتظار نتائج الاجتماع، فنحن على بعد عشرة أيام فقط من القمة الطارئة. من هنا فإن التأجيل وارد، وقد لا يحدث (والتوقع الأكثر تشاؤماً أن القمة لن تُعقد).
لا بد من التنويه هنا أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وصل اليوم إلى الرياض قادماً من “إسرائيل”، مطلقاً المزيد من التصريحات المؤيدة لها، أبرزها: «لو كان هناك المزيد من الإسرائيليين في الشرق الأوسط، لكان العالم مكاناً أفضل وأكثر أماناً».
هذا تصريح خطير إذا وضعناه ضمن سياق مخطط التهجير وتصريحات ترامب حول أن “إسرائيل” «صغيرة تجاه جيرانها» ولا بد من العمل على «تكبيرها». وإذا ما أخذناه في سياق التحضير للقمة وممارسة أقصى الضغوط الأميركية عليها.

– ماذا عن سوريا؟
حسناً..
هل ثمة ما هو متعلق بسورية؟
وزير الخارجية أسعد الشيباني متواجد في السعودية منذ أمس، لحضور «مؤتمر العلا» لاقتصادات الأسواق الناشئة، وحتى كتابة هذه السطور، لم يتم الإعلان عن مغادرته، أو انتقاله إلى عاصمة أخرى، في سياق مروحة واسعة من النشاطات الدولية التي بدأها منذ نحو أسبوعين.
لا شك أن سوريا ستكون حاضرة في الاجتماع الأميركي- الروسي في الرياض غداً. ومن البديهي الربط بين وجود الشيباني فيها وهذا الاجتماع، فقد يكون هناك تنسيق -من نوع ما- على هامش الاجتماع. سوريا أيضاً مرتبطة بالقضية الفلسطينية سياسياً وجغرافيا (وميدانياً في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة في الجنوب). سوريا مدعوة إلى القمة العربية الطارئة، ولموقفها تأثير كبير.
كل ما سبق يبقى في إطار التحليل والتوقع، فقد يكون للأيام المقبلة قول مختلف… لننتظر وسنرى.

Leave a Comment
آخر الأخبار