الكربون والاقتصاد السوري.. ورشة الإسكوا تكشف التحديات والفرص

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – هناء غانم:  

في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد السوري، يبقى التكيف مع المتغيرات العالمية ضرورة حتمية لضمان استمرارية التصدير وتعزيز القدرة التنافسية في الأسواق الدولية، وقد شكّلت الورشة التي نظمتها الإسكوا على مدار يومين في فندق “غولدن المزة” بدمشق فرصة مهمة للقطاع الخاص السوري للتعرف على سياسات تعديل الكربون عبر الحدود، باعتبارها خطوة حيوية نحو مواكبة التحولات الاقتصادية العالمية، وتحسين بيئة الأعمال، وتقليص معدلات البطالة، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام في المستقبل.

حضرت “الحرية” الورشة التي تناولت آلية تعديل الكربون عبر الحدود (CBAM)، وسبل تطبيقها، إضافة إلى التحديات التي قد تواجه دخول السلع السورية إلى الأسواق الأوروبية والعالمية، وقد ركزت النقاشات على أهمية توعية القطاع الخاص بالشروط الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي في سياق مواجهة التغيرات المناخية، وضرورة الالتزام بالمعايير البيئية التي تفرضها التشريعات الأوروبية، بما يهيئ الاقتصاد السوري لاستيعاب السياسات الاقتصادية الحديثة المتماشية مع الاتجاهات العالمية.

الحرب التجارية الجديدة.. دور الاتحاد الأوروبي في حماية منتجاته

أكد الدكتور محمد الشمنقي، أحد خبراء الإسكوا المشاركين، أن السياسات البيئية الجديدة أصبحت إلزامية، وتفرض قيودًا كبيرة على السلع المصدّرة إلى الاتحاد الأوروبي. وأوضح أن هذه القيود تتطلب من الدول المصدّرة، ومنها سوريا، فهمًا دقيقًا لآلية تعديل الكربون عبر الحدود، خاصة في ظل ما وصفه بـ”الحرب التجارية الجديدة”، التي تعتمد على فرض قوانين وضرائب قد تؤثر بشكل مباشر على المنتجات السورية المصدّرة.

خطوة نحو المستقبل

وفي تصريح خاص لـ”الحرية”، أشار عبد الله منيني، مدير مكتب حماية المنتج المحلي بوزارة الصناعة، إلى أن تطبيق آلية تعديل الكربون عبر الحدود في سوريا سيتم تدريجيًا، بدءًا بعدد محدود من الشركات، وذلك بعد تقييم دقيق لآثار هذه السياسات على الاقتصاد الوطني. وشدد على أهمية وجود استراتيجيات مرنة للتكيف مع هذه التحولات.

من جانبه، أوضح الدكتور عامر خربوطلي، مدير غرفة تجارة دمشق، أن هذه التحديات تستدعي من الحكومة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لضمان حماية المنتجات السورية وتوسيع نطاق الأسواق القريبة.

وأكد أن جميع الدول تسعى لحماية منتجاتها، مشددًا على أهمية الدور الحكومي في التفاوض لضمان دخول السلع السورية إلى الأسواق الأوروبية والعالمية. كما أشار إلى أن سوريا تستفيد من اتفاقيات تفضيلية مع عدة دول، إلا أن الوضع القانوني لهذه الاتفاقيات لا يزال غير واضح، ما يفرض تحديات إضافية في حال الانضمام إلى المنظمات العالمية.

وأضاف خربوطلي أن الاقتصاد السوري يشهد تحولات بنيوية، لكنه يعاني من تحديات تعيق تطور سوق العمل. فرغم الجهود المبذولة لتعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، فإن النتائج لم تحقق المستوى المأمول هذا العام، ما خلق فجوة بين التوقعات والواقع. ومع ذلك، يرى أن هناك حالة من التفاؤل الحذر، خاصة مع التحسن التدريجي للظروف الاقتصادية، مشيرًا إلى أن تخفيف العقوبات يمكن أن يسهم في إعادة بناء الأنظمة المالية والمصرفية وتحرير القطاعات الاقتصادية، بما يساعد على خلق بيئة أعمال جديدة وزيادة فرص العمل.

الإصلاحات والتحسن التدريجي

تطرق المشاركون في الورشة إلى آلية تعديل الكربون عبر الحدود، التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية عالميًا، مع ما يترتب عليها من آثار على الاقتصادات الوطنية. وأوضحوا أن الاتحاد الأوروبي يسعى من خلال هذه السياسة إلى حماية الصناعات المحلية من المنافسة العالمية، إلا أن تطبيقها قد يشكل تحديًا كبيرًا للصناعات السورية، خاصة تلك التي تعتمد على سلاسل توريد متعددة الجنسيات مثل الأسمنت والأسمدة.

أهمية التخطيط المبكر لتفادي الأضرار

في ختام الورشة، شدد الخبراء على ضرورة أن تواصل سوريا والقطاع الخاص التحضير المبكر لمواجهة هذه السياسات البيئية والاقتصادية، عبر وضع خطط واضحة وآليات تنفيذية، وتقليل تأثيرها على المنتجات السورية الأكثر عرضة للرسوم الجمركية المرتبطة بالانبعاثات الكربونية.

Leave a Comment
آخر الأخبار