الحرية – نهلة أبو تك:
بعد عام واحد على التحرير، تقف اللاذقية أمام مشهد جديد يتشكل تدريجياً في أحيائها وشوارعها وحدائقها، حيث تتوالى المشاريع الخدمية بوتيرة سريعة تعكس رغبة واضحة في إعادة بناء المدينة وإعادتها إلى مكانتها كعروس للساحل السوري.
شهدت الأشهر الماضية بدءاً من إعادة تشغيل مجبل الزفت في البصة، تحسناً واسعاً في صيانة الطرق وترميم الأرصفة وفتح مصارف مطرية جديدة، إلى جانب إعادة تشغيل منظومة الإنارة العامة في أغلب الأحياء، ما أعاد للمساء اللاذقاني حضوره الذي غاب طويلاً.
وفي الحدائق، اكتملت أعمال الصيانة والإنارة، مع افتتاح مساحات خضراء جديدة، وزراعة المنصفات بأنواع نباتية متنوعة، ما منح الشوارع جمالاً أكثر وتنظيماً أوضح.
وعلى مستوى الفضاءات العامة، برز افتتاح الشواطئ المفتوحة المجانية كأحد أهم التحولات خلال العام، وفي مقدمتها شاطئ أوغاريت وحديقة الحرش المطوّرة، اللذان شكّلا متنفساً واسعاً للعائلات. كما أعيد تأهيل ساحة السمك في الرمل الفلسطيني، ما أسهم في تنشيط الحركة التجارية وخلق فرص عمل جديدة.
بالتوازي، تم طرح مواقع جديدة على الكورنيشين الغربي والجنوبي للاستثمار السياحي، بما يضمن تطوير الخدمات البحرية وتعزيز العائدات.
كما عادت شرطة المرور إلى انتشارها الكامل، مع إعادة تشغيل الإشارات المرورية في المفارق الحيوية، وتحسن واضح في انسيابية الحركة. وأعادت الدوائر الخدمية تفعيل منافذ خدمة المواطنين في المالية والنقل والشرطة، ليتمكن الأهالي من إنجاز معاملاتهم بسهولة أكبر.
ويشير رئيس الوحدات الإدارية في محافظة اللاذقية علي عاصي بحديثه إلى الحرية إلى أن العام الأول بعد التحرير كان عاماً مفصلياً، قائلاً:
واجهنا تحديات كبيرة، لكننا ركزنا على الملفات الأكثر إلحاحاً: الطرق، الإنارة، إزالة المخالفات، وتحسين المشهد الخدمي العام. اليوم نستطيع القول إنّ المدينة استعادت جزءاً مهماً من حضورها.
ويضيف: الشواطئ المفتوحة والمساحات المجانية كانت خياراً اجتماعياً ضرورياً. الناس تحتاج إلى متنفسات نظيفة وآمنة بعد سنوات صعبة، والإقبال الكبير عليها أثبت أن هذه الخطوة كانت في مكانها.
ويشير عاصي أيضاً إلى تقدم مهم في تنظيم الإشغالات وإقامة أسواق للبسطات وبناء مقاسم حديثة لمعارض السيارات في المنطقة الصناعية، إضافة إلى طرح أكشاك حضارية تحسن شكل الشوارع وتمنع التعديات.
ولأن التغيير الحقيقي يُقاس برأي الناس، تنقل «الحرية» بعضاً من انطباعات السكان.
تقول عبير، وهي موظفة تقطن في حي الزراعة:
عودة الإنارة وحدها غيّرت الكثير… أصبح الخروج مساءً أكثر راحة وأماناً، والمدينة تبدو أجمل مما كانت قبل سنوات.
ويؤكد إيهاب، وهو صاحب محل في الرمل الجنوبي أن ساحة السمك بعد التأهيل عادت تنبض بالحياة، والحركة صارت أفضل، والناس رجعت تتسوق من المنطقة… وهذا انعكس علينا كتجار بشكل واضح.
أما دعاء، ربة منزل، فتروي انطباعها بابتسامة:الشواطئ المفتوحة والحدائق المجانية أعادت البهجة للأطفال. اللاذقية اليوم تشبه المدينة التي كنا نحبها… مدينة تتنفس من جديد.
وبين ضوء عاد إلى الشوارع، وحدائق امتلأت بالأهالي، وشواطئ فتحت أبوابها للجميع، تبدو اللاذقية اليوم مدينة تعرف طريق النهوض، وتستعد لمرحلة أكبر من الإعمار والخدمات… مرحلة تقول فيها بثقة: ها قد عدتُ إلى الحياة.