الحرية – آلاء هشام عقدة :
في مشهد يعكس تلاحم المجتمع السوري وروح المبادرة، تحولت كلمات بسيطة كُتبت على منصة “فيسبوك” إلى موجة واسعة من التفاعل والتكافل المجتمعي، شاركت فيها العديد من المحال التجارية والشخصيات داخل سوريا وخارجها، إحياءً لذكرى التحرير.
من منشور قصير إلى مبادرة واسعة الانتشار
بخطوة فردية أطلقتها على صفحتها الرسمية، استطاعت المحامية إيفا مهروسة أن تحوّل منشوراً قصيراً إلى مبادرة مجتمعية واسعة، أكدت من خلالها قدرة المجتمع على الفعل الإيجابي حين تتوافر الإرادة.
وفي تصريحها لـ “الحرية”، أوضحت مهروسة أن الفكرة انطلقت بعد انتشار صورة لطلب صادر عن مجلس إدارة الجمعية الحرفية للمطاعم والمنتزهات والكافتيريات في دمشق وريفها والقنيطرة، يدعو أصحاب المهنة إلى تخفيض الأسعار خلال أيام ذكرى التحرير.
وأضافت: “نشرت الصورة وعلّقت عليها قائلة: في دمشق طُلب من المطاعم البيع بسعر التكلفة يومي الأحد والإثنين، يا ترى إذا طُلب ذلك في اللاذقية، مَن سيستجيب؟”. لتتفاجأ بعد ذلك بتفاعل واسع من أبناء المحافظة على منشورها، قبل أي توجيه رسمي، حيث استجابت العديد من المحال التجارية خلال وقت قصير، حتى بات من الصعب عليها نشر جميع المشاركات لكثرتها.
تخفيضات وهدايا وضيافات
أشارت مهروسة إلى أن عدداً كبيراً من المحال أعلن عن تخفيضات وصلت إلى 20% و50%، إضافة إلى عروض متنوعة، فيما قدّم آخرون هدايا للمتفاعلين والمعلقين على المنشورات، بينما اختار بعضهم تقديم ضيافات أمام محالهم احتفالاً بذكرى التحرير، في مشهد يعكس روح المشاركة والانتماء.
ولم يتوقف التفاعل عند هذا الحد، بل امتد ليشمل مطاعم ومحال ألبسة ودهانات ومراكز تجميل وأطباء ومكتبات، كما وصل صداه إلى المغتربين السوريين، وتروي مهروسة أن المبادرة تطورت لتشمل أشخاصاً لا يمتلكون محال تجارية، لكنهم أحبوا المشاركة، وكان أولهم المغترب صبحي برادعي الذي سألها: “كيف أشارك؟”. وبعد نقاش اتفقا على أن يقدم عشرة خراف تُذبح وتوزع على المحتاجين في ذكرى التحرير، خمسة في الريف وخمسة في المدينة، حيث تم توزيع حصص لأكثر من 250 عائلة بطريقة تحفظ الكرامة.
صوت المغتربين
وفي اتصال أجرته الصحيفة مع برادعي، أوضح أن استجابته جاءت بدافع وطني وإنساني، قائلاً: “سوريا بحاجة لأهلها، وكلنا ملزمون أن نقدم ما نستطيع”. مؤكداً أن المبادرة تعكس الصورة الحقيقية لأبناء اللاذقية، فهم أهل خير ومحبة، يثبتون دائماً أنهم قادرون على التقارب وصناعة الفعل الطيب.
منصات التواصل.. نافذة أمل
وترى مهروسة أن ما حدث هو “تسخير من الله”، لوصول الرسالة عبر منصات التواصل الاجتماعي والتفاعل الكبير معها، مشيرة إلى أنها خصصت وقتاً وجهداً كبيرين لتكون وسيطة خير بين الناس، وتسهيل أمور المشاركة، ليكون التفاعل أكبر بكثير مما توقعت.
وأضافت: “منصات الإنترنت اليوم أمانة برقبة أصحابها، يمكن أن تكون نافذة أمل أو نافذة شر حسب توجيهها، أحببت أن أظهر الجانب الإيجابي من المجتمع اللاذقاني المحب، الطيب، الكفوء، الذي يحتاج فقط إلى مَن يسلط الضوء عليه.”
وختمت بالقول: “نجاح هذه المناسبة مسؤولية مشتركة، ومساهمة التجار تظهر أسواقنا بأبهى حلة في هذا اليوم الوطني”.
مبادرات مستمرة
يُذكر أن المحامية إيفا مهروسة أطلقت خلال السنوات الماضية مبادرات مجتمعية عديدة، لم تتوقف خلال فترات الحرائق والزلزال، إضافة إلى مساعدات فردية متواصلة تستهدف العائلات الأكثر حاجة.
الخير يبدأ بخطوة
تحولت مبادرة بدأت بكلمات بسيطة على منصة اجتماعية إلى حالة إنسانية واسعة، أعادت إلى الواجهة الوجه الحقيقي لأبناء اللاذقية، وأسهمت في تعزيز روح التضامن والتكافل في ذكرى وطنية تحمل الكثير من المعاني.
إنها رسالة بأن الخير يبدأ بخطوة، وغالباً بخطوة فردية.