الحرية – آلاء هشام عقدة:
الدولار لم يعد مجرد عملة، بل أصبح معياراً يحدد القدرة الشرائية للمواطن ويضغط على الجميع، هكذا وصف الدكتور عبد الهادي الرفاعي، عميد كلية الاقتصاد في جامعة اللاذقية، واقع التعامل بالدولار في سوريا، مؤكداً أن الاعتماد عليه يعمّق الفجوة الاجتماعية ويضع ذوي الدخل المحدود في مواجهة التضخم المستمر.
انتشار الدولار في الأسواق..
وأضاف الرفاعي إن السلع اليومية والمعمرة، الأجهزة الكهربائية، الإلكترونيات، والأثاث تُسعر بالدولار أو وفق سعر الصرف اليومي، كما أن محلات التجزئة والخدمات الصغيرة تستخدم التسعير المزدوج بالليرة والدولار وأصبح شائعًا لضمان الحفاظ على القيمة.
وبالنسبة للسيارات والعقارات، أكثر من 90% من السيارات المستعملة و80% من صفقات العقارات تتم بالدولار، والإيجارات في المدن الكبرى غالباً بالدولار ، ما شكل الضغط الاجتماعي، فالمواطنون من ذوي الدخل المحدود ممن يتعاملون بالليرة يجدون صعوبة في مواكبة الأسعار وحماية مدخراتهم، بينما يستفيد من يملكون الدولار.
الإيجابيات والسلبيات
بحسب الرفاعي فإن إيجابيات التسعير بالدولار هي حماية المدخرين والمستثمرين من فقدان القيمة، ومعيار ثابت للتداول وسط تقلبات السوق، وجذب رؤوس الأموال وحفظها داخل البلاد، أما السلبيات فهي ضعف فعالية السياسة النقدية، وتعميق الفجوة الاجتماعية.
التسعير بالدولار لمصلحة من؟
يجيب الرفاعي غالباً لصالح البائع، خصوصًا في العقارات والسيارات والسلع الاستثمارية، فالمشتري يتحمل المخاطر إلا إذا كان دخله بالدولار أو توقع استقرار العملة الأمريكية، وبالتالي فإن العملة السورية الجديدة هي خطوة حذرة قد تمنح بعض الراحة للمواطنين ذوي الدخل بالليرة وتسهّل التداول اليومي، ولن توقف الاتجاه نحو الدولار إلا إذا صاحبها استقرار اقتصادي وسياسة نقدية صارمة، فالسوق الكبيرة مثل العقارات والسيارات ستظل تعتمد على الدولار، بينما الأسواق اليومية قد تشهد تراجعاً تدريجياً.
السياق الدولي وفق الرفاعي..
الدولار يشكل أكثر من 60% من الاحتياطيات النقدية العالمية وهو العملة المهيمنة عالمياً، في لبنان واليمن وليبيا، الاعتماد على الدولار يزداد في أزمات مشابهة، لكن الوضع في سورية أشد حدة بسبب ضعف المؤسسات وعدم استقرار السياسات النقدية، وبالتالي إعادة الثقة بالليرة مرتبطة بإجراءات شاملة، وليس مجرد إصدار العملة الجديدة.
التعامل بالدولار أصبح واقعًا ضاغطاً اقتصادياً واجتماعياً..
العملة السورية الجديدة قد تمثل بداية لاستعادة ثقة محدودة بالليرة، لكنها تحتاج إلى استقرار نقدي شامل، سياسة صارمة، وضبط التضخم، والفجوة الاجتماعية والقدرة الشرائية للمواطنين مرتبطة مباشرة بمدى نجاح هذه الخطوات في كبح توجه السوق نحو الدولار.