الليرة القوية

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – عمران محفوض:

“لا صوت يعلو فوق صوت المصرف المركزي”.. ثقة مطلقة يجب أن تكون هي السائدة مالياً ونقدياً على ساحة الوطن؛ فالوقت ليس متاحاً للاجتهادات أو التوقعات حول ما ستؤول إليه الأمور بعد طرح العملة الجديدة للتداول النقدي، وليعلم الجميع أن حذف الأصفار ليس عصا سحرية، بل هو أداة قوية ورمزية مرهون نجاحها بوجود إرادة حكومية حقيقية لتنفيذ إصلاحات اقتصادية مؤلمة لكنها ضرورية لمعالجة الأسباب الجذرية للتضخم الذي تجاوز سقف الـ 120% خلال العام الماضي.

ورغم أن خطوة “المركزي” ليست جديدة في أدبيات الاقتصاد النقدي العالمي، إلا أنها أعادت فتح الباب أمام نقاش واسع: ماذا يعني حذف الأصفار فعلياً؟ وهل يمكن لمثل هذا الإجراء أن يُحسّن الواقع الاقتصادي والاجتماعي؟ أم إن التجارب الدولية تؤكد أن «استبدال العملة» دون إصلاحات اقتصادية وهيكلية شاملة لا يتجاوز كونه خياطة فتق في ثوب مهترئ..!

بالتأكيد هذا النوع من النقاش لن يكون بين عامة الناس، وإنما هو اللغة الجامعة لرجال الأعمال وأصحاب الفكر الاقتصادي الأكاديمي، فيما رغبات المواطن العادي من عملية حذف الأصفار بسيطة ويتركز معظمها بتمكنه من “دحش” الأوراق النقدية في جيبه بدل حملها داخل أكياس أو كما يقول “شوالات” بعد كل عملية بيع أو شراء أو قبض راتب وأجر شهري، إضافة إلى طموحه بأن ينعكس استبدال العملة على أسعار السلع والخدمات انخفاضاً واضحاً ودائماً يساهم في تحسين مستواه المعيشي.

النقاش بحد ذاته حالة إيجابية سواء جرى بين مفكرين أكاديميين أو رجال أعمال ومنتجين أو انتقل إلى عامة الناس شرط أن يدعم  مشروع الليرة القوية، ويساهم في إنجاحه، هدف يجب أن نتعاون جميعاً؛ مؤسسات عامة وخاصة؛ ومواطنين على تحقيقه كونه يشكل مساراً جديداً نحو الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي وجذب الاستثمارات، وعلينا أن نقنع أنفسنا بأن منافع العملة الجديدة واقعة لا محالة ..

– تبسيط المعاملات المصرفية والمحاسبية، وتسهيل إعداد الفواتير وتسعير السلع، ما يعزز من فعالية النظام المالي.

– تُحدث عملية استبدال العملة أثراً نفسياً إيجابياً يشعر المواطن بأن الليرة أصبحت أقوى وأكثر استقراراً، خاصة إذا ترافق الاستبدال مع إصلاحات اقتصادية حقيقية.

– تُعطي العملة الوطنية الجديدة انطباعاً بالاستقرار والتطور الاقتصادي والاستثماري السوري على الساحة الدولية.

– تجعل المواطنين يفضلون استخدام العملة الوطنية بدلاً من العملات الأجنبية، لا سيما في التعاملات التي تشهد «دولرة» واسعة.

–  تقلل عملية استبدال العملة من حجم الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية، وتجعل الرقابة المالية أكثر فعالية.

باختصار؛ يجب أن تتزامن عملية استبدال العملة مع إصلاحات مصرفية وسياسات نقدية صارمة لمعالجة الأسباب الجذرية للتدهور، حيث إن الإجراء بحد ذاته لا يعالج المشكلات الاقتصادية الأساسية، لأن قوة العملة الجديدة مرتبطة بقدرة موارد الدولة على دعمها، وتوفير بيئة إنتاجية متنوعة ضمن استراتيجية اقتصادية شاملة.

Leave a Comment
آخر الأخبار