الحرية – باسمة اسماعيل:
أقامت كلية الطب البشري في جامعة اللاذقية اليوم مؤتمرها العلمي الحادي والعشرين، بالتعاون مع مديرية الصحة، ونقابة الأطباء في اللاذقية، والجمعيتين الطبيتين السورية- البريطانية والسورية- الأمريكية، بحضور راعي المؤتمر محافظ اللاذقية، وحضور علمي وأكاديمي واسع، تحت رعاية وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي، وقد انعقد المؤتمر في المدرج الكبير لمستشفى اللاذقية الجامعي، وسط مشاركة فاعلة من عمداء كليات الطب من محافظات سوريا، ورؤساء الجامعات في اللاذقية ومديري المشافي في اللاذقية، إلى جانب قامات طبية بارزة، وأطباء سوريين مغتربين.
تميز اليوم الافتتاحي بعرض فيديو تعريفي عن كلية الطب البشري، ومستشفى اللاذقية الجامعي، تلاه تكريم أحد عشر طبيباً من الأساتذة المتميزين الذين قدموا خدمات جليلة في التدريس والعمل الإكاديمي والطبي في مسيرة خدمتهم الطويلة.
تناول المؤتمر في أولى محاضراته اليوم، موضوعاً بالغ الأهمية في الطب الحديث، وهو “الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية”، واستعرض أحدث تطبيقاته في مجالات التشخيص والعلاج وتحسين جودة الخدمات الطبية.
في كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور فواز بدور، رئيس المؤتمر وعميد كلية الطب البشري، أن المؤتمر يشكل محطة علمية مميزة ومنبراً للتبادل الفكري والتلاقي الإنساني والمهني، ونقلة نوعية في سوريا الجديدة، يعكس إصرار المؤسسات الأكاديمية والطبية على المضي في مشروع وطني يضع العلم في طليعة أولوياته.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي بات يشكل ثورة في مجال الطب، من خلال قدرته على تحليل الصور الشعاعية بدقة تفوق العين البشرية، وتشخيص الأورام، وتحليل آلاف البيانات الجينية والسريرية خلال دقائق.
وأضاف: أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية بل تحد أخلاقي ومهني وتعليمي، يتطلب منا تحديث مناهج التعليم الطبي، دعم البحث التطبيقي، وفتح باب التعاون الأكاديمي محلياً ودولياً، لنكون جزءاً فاعلاً في المشهد الطبي، مع الحفاظ على جذورنا الأخلاقية والإنسانية، وتدريب الطلاب والأطباء على توظيف هذه الأدوات التقنية، بما يخدم المريض.
وشهد المؤتمر مشاركة مميزة للدكتورة نوار الشرع، أستاذة الذكاء الاصطناعي في جامعة جورج تاون الأمريكية، حيث قدمت محاضرة عبر تقنية الاتصال المرئي (Google Meet) بعنوان “دور الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية”، تناولت فيها المستويات الثلاثة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الطب، المساعد، المعزز، والمستقل، موضحة أن أغلب المستشفيات في أمريكا تستخدم حالياً مستوى المساعد و مستوى المعزز للقرار الطبي، في حين لم تصل بعد إلى المستوى الثالث المستقل.
أوضحت أن الذكاء الاصطناعي اجتماع علوم الرياضيات مع علوم الإحصاء مع علوم الحاسوب، يؤدي مهام تتطلب ذكاء بشرياً يشمل الكلام وتفسير الصورة واتخاذ القرار والتعلم والتعليم من التجارب، وأن الاستثمار الكبير في هذا المجال في الولايات المتحدة من شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل وأمازون ومايكروسوفت..الخ، ساهم في تسريع تطور تقنيات الرعاية الصحية.
وذكرت د. نوار أن أكثر فرع لاقى استثمارات بالذكاء الاصطناعي التصوير الطبي بكافة أنواعه، وأيضاً التؤام الرقمي القائم على معرفة كل معلومات الإنسان عائلته، أمراضه …الخ يوضع بالذكاء الاصطناعي ويصبح له تؤام رقمي، فإذا أردنا أن نعرف أو نقرر العلاج الذي يتقبله المريض يطبق على تؤامه الرقمي قبل أن يطبق عليه.
ونوهت إلى أن الذكاء الاصطناعي فيه الكثير من الأمور الإيجابية، لكن سندفع ثمناً باهظاً إذا لم نأخذ بعين الاعتبار الآثار غير المقصودة.
وأكدت الشرع في ردها على أسئلة بعض الدكاتره، تمحورت حول هل يمكن استخدامه في التشخيص النسيجي للأورام، وهل يستطيع أن يقدم تلك اللمسة الإنسانية التي يقدمها الدكتور مع مريضه، أجابت: إن الذكاء الاصطناعي أداة قوية، لكنه لا يمكن أن يحل مكان الإنسان أبداً، فاللمسة الإنسانية للطبيب في تواصله مع المريض يفتقدها حالياً أغلب المرضى في أمريكا، وهذا ما أظهرت الاستبيانات عن الأمور الإيجابية والسلبية بعد خروج المرضى من المشفى.
وخلال مداخلته، شدد الدكتور عبد الله مواس، رئيس الجمعية الطبية السورية البريطانية، واستشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد في المملكة المتحدة، على أن الطب هو مهنة إنسانية في جوهرها، وأن الذكاء الاصطناعي ينبغي أن يكون أداة داعمة للطبيب، لا بديلاً عنه، مشيراً إلى أهمية نقل الخبرات والمعرفة من المغتربين السوريين إلى الداخل لتعزيز جودة التعليم والخدمات الصحية في سوريا.
وتتخلل المؤتمر على مدار أيامه الثلاثة برامج علمية مكثفة، تشمل محاضرات وورشات عمل متخصصة، تحاكي التطورات الحديثة في ميدان الطب.
محاضرات المؤتمر كما ذكر عميد كلية الطب البشري في تصريحه لصحيفتنا “الحرية” ستكون شاملة لكل الاختصاصات (جراحة، نسائية، أطفال، أمراض داخلية…الخ)، وورشات عمل تخصصية تركز على أمور مهمة مثل الذكاء الاصطناعي واستخدامه في البحث العلمي الطبي، وعن الميكرو البيولوجي في سوء استخدام الصادات الحيوية…الخ، تقام هذه الورشات في قاعة سمنار في كلية الطب، ومحاضرات نظرية وندوة عن
دور أبحاث السرطان وغيرها تقام في المدرج الكبير بمشفى اللاذقية الجمامعي، المحاضرات والدورات تقام من الساعة ٩ – ه، وسنركز على التطرق للموضوعات المستجدة وكيفية ونستخدم نتائجنا في كلية الطب البشري، الأبحاث المنشورة لنظهر للطلبة والحضور لدينا أبحاث على مستوى كبير.
ومن جهة أخرى أقيم على هامش المؤتمر معرض دوائي بمشاركة شركات وطنية مثل “بيوميد فارما” و”ألفا” على سبيل المثال لا الحصر، عرضت شركات الأدوية خلال المؤتمر، أحدث منتجاتها في السوق الدوائية، في إطار دعم المؤتمر وتعزيز التواصل مع الجسم الطبي.
وفي تصريح خاص لصحيفة “الحرية”، أعرب محافظ اللاذقية المهندس محمد عثمان عن اعتزازه باستضافة المحافظة لهذا الحدث العلمي، مشيراً إلى أن انعقاده يحمل رسالة واضحة أن سوريا ماضية في مسيرتها العلمية والطبية بثقة وثبات.
وأكد أن المؤتمر يعكس الصورة الإيجابية للاستقرار في اللاذقية، ويعزز التواصل بين الأكاديميين السوريين في الداخل والمغتربين في الخارج، ويشكل خطوة متقدمة نحو تحديث التعليم الطبي، وزيادة المعرفة عند طلاب الطب، وتزيد تبادل الخبرات بين جميع الأكاديمين والأساتذة العاملين في المجال الطبي.
بهذا اختتم اليوم الأول من المؤتمر، بتأكيد الحاضرين أهمية استثمار الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، والتمسك بالقيم الإنسانية في الممارسة الطبية، مع السعي إلى ربط البحث العلمي بالتطبيق العملي، وبناء جيل من الأطباء يمتلك المعرفة والمهارة والضمير المهني والأخلاقي والإنساني.