الحرية – محمد فرحة :
تشكل المتغيرات المناخية القاسية والانحباس الحراري ونوبات الجفاف المتكررة لعدة سنوات متتالية تهديداً خطيراً على المقومات البيئية، وتحديداً على التنوع البيولوجي وانقراض العديد من النباتات الزهرية، وخاصة التي تتكاثر من جراء عمليات الإزهار بالبذار عكس النباتات التي تتجدد كالأبصال”التوليب والأوركيد والخزامى”
لكن السؤال الكبير والمُلحّ اليوم والمتعلق بهذا الشأن مؤداه: هل جهزت البحوث العلمية الزراعية لدينا بنكاً وراثياً للحفاظ على هذه المكونات النباتية الزهرية من الانقراض ؟
وأين أمسى مركز “طاحونة الحلاوة” المتخصص بهذا الشأن؟ أسئلة تطرح نفسها ونحن نراقب انقراض العديد من هذه العوائل الزهرية وفقدانها ؟
وهل لدينا فريق للبحث العلمي الزراعي المتخصص بالموارد الوراثية النباتية والحيوانية في الطبيعة، ونحن نلاحظ كيف يتم الاعتداء على كلّ مقومات الطبيعة ومواردها؟، وأعتقد أنّ مثل هذه القضية لا ضير فيها إن قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بذلك أيضاً، وكذلك البحوث العلمية الزراعية أم مجرد تصريحات بين الفينة والأخرى؟.
حيث يتطلب الأمر في ذلك قيام فريق متخصص بالبحث العلمي بتنفيذ مهام سنوية دورية لجمع العينات النباتية من مختلف المواقع الصحراوية والحراجية، بهدف تعميق البحث العلمي والحفاظ على أهمية وقيمة التنوع البيولوجي، ودراسة مدى التكيف البيئي مع الظروف المناخية المتغيّرة والمتسارعة.
نعود للإجابة عن التساؤلات التي طرحناها حول: هل مازالت هذه البحوث العلمية الزراعية اليوم بخير أم ليست من الأولويات وسترمى في غياهب النسيان؟
رئيسة مركز طاحونة الحلاوة للبنك الوراثي الدكتورة دلال إبراهيم أوجزت لصحيفة الحرية في حديثٍ مختصر ومعبّر، أهمية البحث العلمي الزراعي، فيما لو تمّ التركيز عليه اليوم.
ما قالته كان في غاية الوضوح والتأسف، حيث شرحت أن الحفاظ على البنك الوراثي للنباتات الزهرية البرية غاية في الأهمية، وقد قطعنا شوطاً جيداً في هذا المضمار.
ونوهت بضرورة مواصلة الطريق في هذا الشأن إذا ما أردنا للبحث العلمي الازدهار، لكن يبدو في هذه المرحلة اليوم أولويات تجعل هذه القضية في مراتب أخرى . انتهى حديث الدكتورة ابراهيم” .
وبالعودة إلى دور البحوث العلمية الزراعية، نشير إلى أهمية دعم البحث العلمي لتحقيق الاستخدام الزراعي والاقتصادي المستدام، إذ يعدّ ضرورة وحاجة ملحة في ظل المتغيرات المناخية المتسارعة والانحباس الحراري وما سيلحقه بالطبيعية وبكل مكوناتها، وخاصة الحفاظ على النباتات المهدّدة كـ”التوليب والأوركيد والعكوب “السلبين” والخزامى والزعفران البري” التي كانت تجود بها الطبيعة، وهي بمثابة التراث الزراعي ومكوّن بيئي مهم..
فجميع هذه المكونات النباتية مهدَّدة اليوم بالانقراض نتيجة المتغيرات المناخية ونوبات الجفاف المتطرفة القاسية، زد على ذلك العديد من الطيور، بسبب الأنشطة البشرية والعبث البيئي .
ويبقى السؤال : هل تجمع البحوث العلمية الزراعية وغيرها ممن يهتمون بالأبحاث العلمية والموروثات، هل يجمعون بذور هذه النباتات وإعادة زراعتها ونثرها لضمان بقائها، وهي التي تتعرض لظروف مناخية قاسية كالجفاف وارتفاع درجات الحرارة، والتي ستكون لها تداعيات سلبية كبيرة على المنتج الزراعي أيضاً؟.
من هنا نرى أهمية إدخال قاعدة بيانات للعديد من النباتات البرية والحفاظ عليها كموروثات طبيعية، أسئلة كبيرة تطرح نفسها ووحدها الأيام ستجيب عنها.