الميرمية كنز طبيعي يجمع بين الحكمة والدواء

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – لوريس عمران:

تُخبئ الميرمية، بفضل أوراقها الفضية وعطرها النفاذ، تاريخاً عريقًا وثروة صحية هائلة جعلتها محط أنظار الحضارات عبر العصور، فقد استُخدمت على نطاق واسع في الطب الشعبي، والممارسات الروحانية، وحتى في الصناعات الحديثة.

فهل هي مجرد نبتة عطرية، أم إنها دواء طبيعي يخبئ قدرات مذهلة؟

عشبة الخلاص: جذور تاريخية وفوائد لا تقدر بثمن..

تنتمي الميرمية (Salvia officinalis) إلى الفصيلة الشفوية، وهي نبتة معمرة تزدهر في مناطق البحر الأبيض المتوسط، يعود استخدامها إلى العصور الإغريقية والرومانية، حيث عُرفت بـ “عشبة الخلاص” إيماناً بخصائصها الشفائية الاستثنائية.

بين الأسطورة والعلم: رحلة الميرمية نحو التوثيق العلمي..

لطالما وُصفت الميرمية في الطب الشعبي العربي لعلاج مشاكل الجهاز الهضمي، وتخفيف آلام الدورة الشهرية، وتخفيف التوتر، وحتى

تحسين الخصوبة، ولكن ما الذي يقوله العلم الحديث عن هذه العشبة؟

لإلقاء الضوء على هذا الجانب، التقت “الحرية” بالدكتورة ريم الحداد، أخصائية الأعشاب الطبية، التي أكدت أن الميرمية غنية بمركبات فعالة مثل الثوجون، الفلافونويدات، والزيوت الطيارة، والتي تمنحها خصائص قوية مضادة للالتهابات ومضادة للأكسدة، وأضافت الدكتورة ريم إن الدراسات الحديثة أثبتت فعاليتها في تحسين الذاكرة وتقليل الهبات الساخنة خلال سن اليأس، بالإضافة إلى قدرتها على مقاومة البكتيريا.

ومع ذلك، حذرت الدكتورة ريم من الإفراط في استخدامها، موضحة أن “مركب الثوجون قد يكون ساماً إذا استُهلك بجرعات عالية، خصوصًا للأطفال والحوامل والمصابين بأمراض عصبية كالصرع”.

أما فيما يخص شعبيتها وانتشارها فقد حظيت الميرمية بمكانة خاصة في العديد من البلدان العربية، مثل سوريا، فلسطين، والأردن. تقول أم محمد (٦٣عامًا) من ريف جبلة: لا يخلو بيت من بيوتنا من الميرمية؛ نضيفها إلى الشاي يوميًا، خاصة إذا كان أحدنا يشعر بالتعب أو الحزن”.

تتجاوز أهمية الميرمية الجانب الصحي لتشمل البعد الروحي والاقتصادي، ففي بعض الثقافات، تُستخدم كبخور لطرد الطاقة السلبية وتنقية المنازل، لا سيما عند الانتقال إلى مكان جديد.

على الصعيد الاقتصادي..

أكد المهندس الزراعي سامي عبد الرحمن من جبلة لـصحيفتنا “الحرية” على المردود الاقتصادي الجيد للميرمية، مشيرًا إلى أنها لا تحتاج إلى مياه كثيرة وتتحمل الجفاف، ما يجعلها مثالية للزراعة في المناطق شبه الجافة مشيراً إلى أن الطلب على زيتها العطري يشهد تزايداً ملحوظاً، خاصة في أوروبا، حيث تُستخدم في صناعة مستحضرات التجميل والعناية.

وفي هذا السياق، أوضحت الصيدلانية نهى عبد الله أن الميرمية تُستخدم في تصنيع مزيلات العرق، صابون الأعشاب، ومقويات الشعر، بالإضافة إلى تحضيرها على شكل كبسولات ومستخلصات تُباع في الصيدليات.

الميرمية: كنز طبيعي يستوجب الحكمة..

رغم أن الميرمية ليست علاجاً سحرياً، إلا أن مزاياها الصحية، الاقتصادية، والاجتماعية تجعلها عشبة استثنائية تستحق التقدير والدراسة المتعمقة، والأهم من ذلك، ضرورة استخدام هذا الكنز الطبيعي بحكمة وتوازن.

نصيحة هامة: يُنصح دائمًا باستشارة الطبيب قبل استخدام الميرمية، خاصة لمرضى الضغط، النساء الحوامل، والمصابين باضطرابات عصبية.

Leave a Comment
آخر الأخبار