بعد تجاوز عقبات رأس المال والكفاءة الإنتاجية… التكثيف الزراعي طوق نجاة من المشكلة الغذائية

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- رشا عيسى:

يُبرز الخلل المتفاقم والقائم بين الحاجة المتزايدة إلى الغذاء، وبين ما هو متوفر من هذا الغذاء خطورة المشكلة الغذائية، كما يُبرز في الوقت نفسه ضخامة الدور الذي يتوجب على الزراعة أن تؤديه، في وقت يشير فيه الكثير من الأبحاث والدراسات إلى أنّ الطلب على المنتجات الغذائية في الدول النامية عموماً يزداد بمعدل أكبر بكثير من معدل زيادة الإنتاج على عكس الدول المتقدمة اقتصادياً، ما يُبرر مرة أخرى الأهمية المتزايدة للزراعة، وعلى الأخص تكثيف الإنتاج الزراعي كمصدر لتلبية الغذاء، وخصوصاً أبناء العالم الثالث ولاسيما سوريا، حيث يعد الهدف الاقتصادي لعملية تكثيف الإنتاج الزراعي هو الزيادة المستمرة لكل من الإنتاج السوقي والإنتاج الإجمالي.

الاتجاهات الأساسية للتكثيف
الباحثة في الشأن الزراعي الدكتورة رنيم مسلم بينت في حديث لـ(الحرية) أن الاتجاهات الأساسية للتكثيف تنطلق من تنمية موارد الأراضي والمياه واستصلاح الأراضي والاستخدام الأمثل لها، مع الاستخدام الأمثل لمستلزمات الإنتاج الزراعي على نطاق واسع، وتحسين استعمال وسائل الإنتاج الأساسية، ورفع إنتاجية المحاصيل والحيوانات الزراعية، والتوسع في زراعة الأعلاف لتلبية حاجة الثروة الحيوانية، والوصول إلى التكامل الإنتاجي الزراعي (مزارع تضم الإنتاج النباتي الذي يؤمن العلف من مخلفات غذائية للحيوانات المرباة، والإنتاج الحيواني الذي يوفر الأسمدة العضوية للمحاصيل المزروعة)، ورفع كفاءة الكوادر الفنية، والاستفادة قدر الإمكان من نتائج الأبحاث والتجارب في الميدان الزراعي.

جملة شروطٍ
وأكدت مسلم أن سمة التكثيف تُطلق على الإنتاج الزراعي إذا تحققت جملة من الشروط منها، الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية المتوفرة، والإنتاج الكبير من الناحيتين الكمية والنوعية، وتناقص تكلفة الإنتاج بشكل طردي مع زيادة الإنتاج وتحسينه، وتوفير دخل زراعي للعاملين الزراعيين لتحقيق مستوى معيشي متطور، وإيصال عناصر الإنتاج (الأرض، رأس المال، الإدارة، المعلومات، العمل) إلى كفاءتها الإنتاجية القصوى.

طرق التكثيف الزراعي
وشرحت مسلم مجموعة طرق أساسية للتكثيف وهي الزراعة الأفقية (واسعة) والتي تتم عن طريق استصلاح مساحات جديدة من الأراضي وإدخالها في المساحات المحصولية مع استغلالها بأدوات زراعية ووسائل بدائية تقليدية (الإنتاج النباتي) أو زيادة كمية الحيوانات المُنتجة من دون الاهتمام بنوعيتها ورعايتها وفق الطرائق العلمية الحديثة (الإنتاج الحيواني). وهذه الطريقة محكوم عليها بالتوقف بسبب محدودية الأرض الزراعية فهي تميل للنقصان أكثر من الثبات نظراً للتوسع العمراني الكبير، إذاً تُعدّ الزراعة أفقية (واسعة) عندما يُستثمر قليل من العمل ورأس المال في وحدة المساحة أو الرأس الحيواني وكثير من الأرض أو الحيوانات التي تتم تربيتها.
والطريقة الثانية هي الزراعة العمودية (المركزة) التي يتم فيها الحصول على إنتاج إضافي من خلال عملية التكثيف الزراعي أي بزيادة الاستثمارات في وحدة المساحة لتحقيق زيادة في إنتاجها وبالنسبة للرأس الحيواني لزيادة إنتاجيته، إذاً تُعدّ الزراعة عمودية (كثيفة) عندما يستثمر كثير من العمل ورأس المال وقليل من الأرض.

أهمية الزراعة المركزة
وتتبلور أهمية الزراعة المركزة، وفقاً لمسلم، في ظل محدودية الموارد الزراعية وتراجع مساحة الأراضي الزراعية في سوريا بسبب التوسع العمراني الكبير الناجم وزيادة معدلات النمو السكاني التي تُعدّ أحد العوامل التي تشجع عملية التكثيف بتوظيف كمية كبيرة من العمل في وحدة المساحة، إضافة إلى الظروف المناخية المتغيرة، حيث تُعّد الرطوبة من أبرز العوامل المناخية المحددة لنجاح الزراعة أو فشلها، وإمكانية الاستفادة القصوى من عملية التكثيف لن تتحقق إن لم يتوفر الماء الكافي، كما إنّ استخدام طرائق الري التي توفر الرطوبة في حدود السعة الحقلية من دون هدر في المياه هي المفضلة (ري بالتنقيط).

عقبات
وتشير مسلم إلى أن أهم عقبة تواجه تكثيف الإنتاج الزراعي هو عدم توفر رأس المال الكافي والإدارة التي تستطيع إيصال عناصر الإنتاج المتوفرة إلى قمة كفاءتها الإنتاجية، من هنا تبرز أهمية التخطيط والتنظيم في العمل الزراعي أي كيفية التوليف بين عناصر الإنتاج المتوفرة، بمعنى أدق الاستغلال الأمثل والصحيح للعمل ووسائل الإنتاج المتوفرة، هذا ما أكده فريدرك انجلز بمقولته” يمكن لغلة الأرض أن تزداد إلى ما لا نهاية عن طريق توظيفات رؤوس الأموال وتوظيفات العمل عن طريق العلم والتقدم التقني.

Leave a Comment
آخر الأخبار