الحرية- ميسون شباني:
يمكن تسميته معرضاً بانورامياً، لوحات لأكثر من( 78) فناناً تشكيلياً زيَّنوا المركز الوطني للفنون البصرية.
انتصار آخر بطعم فني ونقطة تحوّل مهمة سجلتها كلية الفنون الجميلة بضم المركز إليها واستعادتها له وتكللت بافتتاحه بمعرضٍ أقل ما يمكن وصفه الأول من نوعه الذي ينظم بهذا الشكل .
الحركة التشكيلية السورية نتاجات وتقنيات متنوعة ومدارس مختلف
الأول من نوعه
لوحات متنوعة ومدارس مختلفة وباتجاهات فنية إبداعية انتمت بألوانها وجماليتها لكل الأساتذة الذين تعاقبوا على الكلية منذ تأسيسها عام 1960 لغاية سنة 2025.. المعرض تم افتتاحه أمس عند الساعة الثانية عشرة بحضور معظم الأساتذة إضافة لمعظم الفنانين الذي لهم علاقة بالحركة التشكيلية.
درس تعليمي
يقول د. فؤاد دحدوح عميد كلية الفنون الجميلة إن أهمية المعرض تكمن في ضم المركز للكلية وقد تمّ اقتطاعه بمرسوم جمهوري عام 2010 أيام الحكم البائد. ويضيف د. دحدوح لصحيفة الحرية بأن هذا المعرض ضم لوحات منذ عام 1960حتى الآن وعبر ثلاثة اختصاصات من حفر ونحت وتصوير وكل الاتجاهات التعبيرية، التجريدية وصولاً إلى التجريدية الغنائية ، وأشار إلى أنّ المعرض هو درس تعليمي للطلاب وفائدة مستقبلية لكونه يقدم عدة اتجاهات وعدة مدارس إبداعية ، ولفت دحدوح إلى أنّ صالات العرض هي صلة وصل ونافذة مضيئة على العالم وليس فقط على الداخل.. فإيقاع اللوحة وتأثيرها أشد وأعرق من أي لغة خطابية أو منبر سياسي.. واللوحة لها تأثير كبير على الطرف الآخر ولاسيما في العالم المتحضِّر..
نتاج لـ(٧٨) فناناً تشكيلياً في المركز الوطني للفنون البصرية
معرض اليوم
من جهته أشار الفنان التشكيلي د.عبد الله ونوس منسق المعرض إلى أنه كان هاجساً إقامة معرض بانورامي يضم أعمال الأساتذة الذين تعاقبوا على كلية الفنون الجميلة الذين لهم أثر وبصمة وعلّمونا الأبجديات ،واستطعنا جمع لوحات متعددة من مدارس مختلفة وبكل التقانات التي تم تقديمها من أدهم اسماعيل ، فاتح المدرس ،لؤي كيالي مروراً بمحمود حماد وصولاً لأساتذتنا الجدد وأشار ونوس إلى أن الكلية رغم تاريخها الطويل لاتملك مقتنيات ولا حتى متحفاً لأسباب كثيرة أهمها عدم وجود أولوية لها في المجال الأكاديمي مثلها مثل الحياة العامة، فالرسم كان حصة فراغ في معظم الأحيان وهذا انتقل عبر الزمن.
وبخصوص تجميع اللوحات لعرضها نوه ونوس بأنه تم أخذ اللوحات من وزارة الثقافة ومتحف الفن الحديث والمتحف الوطني وتم جمع البقية من خلال التواصل مع بعض الصالات المقتنية، ومن ثم تم التواصل مع الفنانين الموجودين في الخارج ولبّوا الدعوة سريعاً لرغبتهم الشديدة أن يكونوا موجودين في هذا التجمع، ويؤكد ونوس أن حدث اليوم هو حاجة وليس ترفاً، ومفروض على طالب عام 2025 أن يعرف منجزات الأساتذة الذين أسسوا لانطلاقة الكلية منذ عام 1960والاطلاع على التقانات والأدوات التي كانوا يستخدمونها.. وهي حالة تمنح قيمة مضافة، فالفن قيمة تراكمية وحاولنا أن يكون جزءاً من الحالة الدرسية.. وهناك حضور لأسماء مهمة مثل : فارس قره بيت، طلال عبد الله، د. بطرس المعري وآخرون.
حدث استثنائي
ونوه الفنان التشكيلي د. سائد سلوم بأن إقامة المعرض في ظل الظرف الحالي وبعد انتصار الثورة حدث استثنائي وهو فرصة لكل طالب ولكل فنان أن يشاهد تاريخ الحركة التشكيلية السورية في كلية الفنون الجميلة ،وأضاف: نحن نقدم أنفسنا ككلية رائدة على مستوى العالم، والمعرض مناسبة لاستعادة المركز الوطني للفنون البصرية للكلية فهو أهم الصالات في منطقة الشرق الأوسط بمساحته وشكله وتجهيزاته.
تأكيد على أنّ مسار الحركة التشكيلية موجود ضمن الحدث التاريخي ويؤدي رسالته
انفتاح فكري وثقافي
وعبر الفنان التشكيلي أحسان عنتابي عن سعادته بأهمية هذا التجمع فهو يساعد على الانفتاح الفكري والثقافي ويدعم الرؤية المستقبلية في وضعنا الحالي والفن هو جزء من ديناميكية الحياة وجزء من وجود الإنسان، وأضاف: نحن سعيدون أن هذه المناسبة موجودة في ظل الثورة وفي هذا التحول الجميل وعلى الطلاب أن يشاهدوا اللوحات بعين مدققة ويكونوا دفعة للأمام بالحركة التشكيلية .
سطو هائل
من جهته يؤكد الناقد التشكيلي سعد القاسم بأن الأعمال المعروضة هي أعمال واقعية ومعظم الزوار شاهدوا صوراً عنها، وهي حدث مهم للكلية من أساتذة وطلاب لأن بعض الأساتذة الحاليين لا يرسمون ولا يعرضون ،والعلاقة الإبداعية بين الطالب والأستاذ باتت شبه معدومة واقتصرت العلاقة على الحالة التدريسية الاكاديمية ، وهي بعيدة كل البعد عن الحالة الإبداعية ، فالنقاش الفني بات شبه معدوم وربما السبب أن موضوع الفن في فترة التأسيس والانطلاقة كان هواية، رغم أن جميعهم محترفون واكاديمون وموهوبون، ولكن كان شكل العلاقة عبارة عن نقاش وحوار وسعي لتطوير تجاربهم وموضوع بيع اللوحات لم يكن في حياتهم ومعظمهم يهدون لوحاتهم لأصدقائهم الفنانين إضافة الى امتلاكهم مراسم خاصة بهم مثل نصير شورى وفاتح المدرس وغيرهم، وهذه المراسم كانت ملتقى للفنانين التشكيليين ومركزاً للحوارات الإبداعية ،ولكنه تحوّل فيما بعد إلى مهنة بعد انتشار الصالات الخاصة وظهور المقتنيين، وباتت فكرة اللوحة موجهة حسب الطلب ، وأشار القاسم إلى أن الكلية تعرضت لعملية سطو هائل على لوحات أساتذة الكلية وكانت تقدم هدايا وكعلاقات عامة.
انتصار جديد
وأشار د.محمد غنوم إلى أن هذا المعرض يضم الأجيال التي وضعت وأرست أسس الفن التشكيلي في سورية, وإقامته في هذا الوقت بالذات يفتح صفحة جديدة في مسار الحركة التشكيلية بأنها موجودة ضمن هذا الحدث التاريخي وهي تؤدي الرسالة كما أدتها في الماضي وهي رسالة هامة تعمّق إنسانية الإنسان وفضاء التعبير المفتوح بكل طرقه ، ونتمنى أن يعيش شعبنا ديمومة الحرية والانتصار.