الحرية ـ سامر اللمع :
بعد ما يقارب الأسبوع من اندلاع الاشتباكات الخطيرة التي شهدتها مدينة السويداء، تسير الأمور نحو التهدئة في ظل المساعي التي قادتها الحكومة السورية لحقن الدماء بدعم عربي وإقليمي ودولي للوصول إلى حل سلمي يحمي المواطنين المدنيين في السويداء ويوفر الدماء على جميع الأطراف.
ورغم كل التداعيات الخطيرة للإشاعات التي حاول إعلام الظل المرتبط بفلول النظام البائد، نشرها والتي تدعي زوراً أن الدولة تحارب الأقليات في سوريا، أظهرت الحكومة فيضاً من العقلانية وضبط النفس الشديد في تعاطيها كجهة راعية لجميع السوريين على امتداد الجغرافيا السورية من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق، وهي في ذلك تشكل الملاذ الآمن لكل المواطنين السوريين، وهي دائماً تغلّب لغة الحوار والحكمة في الحلول، ولكن إن اضطرت لاستخدام الحسم، فسيكون هذا الخيار موجوداً.
ولهذا الهدف، تعمل الدولة على نشر قوات الجيش والأمن في السويداء، ربطاً بعودة الحياة الطبيعية للسكان في جميع مناطقها، ولحماية المدنيين وطمأنتهم، كي تسير المحافظة بما يليق بها من مسار وطني في ظل دولة سورية واحدة.
– التدخل الإسرائيلي.. أهدافه وأبعاده
على الرغم مما شهدناه في خضم الأحداث في مدينة السويداء وخاصة تدخل ”إسرائيل” السافر وقصفها لأهداف ومواقع عسكرية ومدنية سورية، إلا أنه من الخطأ أن نعمم أن أهالي السويداء جميعاً هم عملاء للكيان الإسرائيلي، ويجب الفصل ما بين الأكثرية الرافضة لهذا التدخل وما بين الأصوات التي دعت إليه، فشرفاء السويداء أعلنوا صراحة في أكثر من مناسبة رفضهم للتدخل الإسرائيلي وبأنهم ليسوا حلفاء ”لإسرائيل”، مؤكدين أن بوصلتهم دمشق وهم يتوقون لبناء بلدهم سوريا مع جميع المكونات السورية.
ولا يخفى على أحد، أن التدخل الإسرائيلي في أحداث السويداء زاد من تعقيد الحلول وأخّر إنجاز اتفاق التهدئة في المدينة، وبالتالي فإن الكثير من الأمور في هذا الإطار ما تزال بحاجة إلى نوع من تحديد المسار والإيضاح خاصة في ظل المجاهرة الإسرائيلية بأن تدخلها في أحداث السويداء لم يكن فقط من أجل دعم الجماعات التي طالبت بتدخلها بل أن هناك ما وراء الأكمة، حيث أعلن العديد من مسؤولي الكيان أن التدخل الإسرائيلي جاء من أجل ما سموه “احتياجات أمنية إسرائيلية”.
وفي هذا السياق وضع رئيس أركان الاحتلال الإسرائيلي مسوغات التدخل في أحداث السويداء، وهي بحسبه: “حماية البلدات والمستوطنات الإسرائيلية المحاذية للحدود مع سوريا، ومنع حالة الفوضى على الحدود، ومنع تكرار أي تجربة شبيهة بتجربة الجنوب اللبناني داخل الأراضي السورية”.
وفي سبيل تحقيق أهدافها المعلنة والخفية في سوريا، يرى مراقبون أن “إسرائيل” ستحرص على مسألتين: الأولى، الادعاء بأن هناك هاجس أمني على حدودها وهذا سيسمح لها بالتدخل متى تشاء, والثانية، تقديم نفسها لبعض ضعفاء النفوس على أنها ”السند والداعم لهم عند الحاجة وبإمكانهم دوماً الاعتماد عليها للتدخل في أي حدث مشابه”.
ولهذا فإن الكيان الإسرائيلي يسعى دوماً لطرح نفسه “كشرطي للمنطقة” حيث لا يتعلق الأمر بالمنطقة الجنوبية فقط أو بمكون سوري بعينه بل يتعداه إلى حلم يسعى لتحقيقه بتفكيك الدولة السورية إلى دويلات ضعيفة يمكن أن تلجأ في أي وقت لحماية نفسها بطلب التدخل الخارجي.
إلا أن ما يبعث الطمأنينة في نفس الشعب السوري، هو أن القيادة تعي جيداً المخططات الإسرائيلية الخبيثة، وهو ما أشار إليه الرئيس أحمد الشرع في خطابه يوم أمس بقوله: إن الكيان الإسرائيلي يسعى منذ سقوط النظام البائد لتحويل سورية إلى أرض نزاع ويعمل على تفكيك شعبها.