الحرية- سمر رقية:
تُستخدم الأدوية البيطرية بشكل واسع في تربية الحيوانات لعلاج الأمراض، والوقاية منها، أو حتى تحسين النمو والإنتاج. ومع ذلك، يمكن أن تترك هذه الأدوية أثراً في المنتجات الحيوانية مثل اللحوم، الحليب، البيض، والعسل، وبالتالي ينتقل إلى الإنسان عبر السلسلة الغذائية. وهذه البقايا من الأدوية قد تشكل تهديداً محتملاً للصحة العامة، وخاصة في حال عدم الالتزام بالجرعات الصحيحة أو فترات الانسحاب.
مخاطر رئيسة
الدكتور البيطري أشرف حسان بين لـ”الحرية ” أن من أهم مخاطر هذه الأدوية على صحة الإنسان هي مقاومة المضادات الحيوية، وحسب رأيه هذا أخطر تأثير، ويُعد من أبرز التهديدات العالمية حسب منظمة الصحة العالمية (WHO)، حيث إن استخدام المضادات الحيوية للحيوانات (مثل التتراسيكلين أو الماكرولايدز)، يؤدي إلى تطور بكتيريا مقاومة تنتقل إلى الإنسان عبر الغذاء أو الاتصال المباشر، هذا يجعل علاج العدوى البشرية أصعب، وقد يؤدي إلى ملايين الوفيات سنوياً بحلول 2050 إذا استمر الوضع.

الحساسية والتسمم المباشر
وأشار حسان إلى أن بقايا الأدوية مثل البنسلين أو السلفوناميدات قد تسبب ردود فعل تحسسية شديدة، حتى في كميات صغيرة، كما يمكن أن تؤدي إلى تسمم حاد أو مزمن، مثل اضطرابات في الكبد، الكلى، أو الجهاز العصبي.
التأثيرات السرطانية والهرمونية
مضيفاً: هناك بعض الأدوية (مثل النيتروفيورانز أو بعض الهرمونات المستخدمة سابقًا كمنشطات نمو) لها خصائص مسرطنة أو مشوهة للأجنة (teratogenic).
كما قد تسبب اضطرابات هرمونية، مثل تأنيث الذكور أو تأثير على نمو العظام عند الأطفال، وأيضاً تسبب اضطراب الفلورا المعوية، لأن بقايا الأدوية تؤثر في البكتيريا النافعة في الأمعاء، ما يضعف المناعة ويسهل الإصابة بالأمراض، وفي حالات نادرة، سوء استخدام أدوية مثل الكيتانين أو الزايلازين يؤدي إلى إساءة استخدام بشري، ما يسبب إدماناً أو تسمماً شديداً.
وهذه المخاطر تكون أكبر في الدول النامية بسبب ضعف الرقابة والاستخدام غير المنظم.
ترشيد استخدام الأدوية
أوضح حسان أن العالم يعتمد اليوم على نهج “الصحة الواحدة” (One Health)، الذي يربط بين صحة الإنسان، والحيوان، والبيئة. والإجراءات الرئيسية التي تشمل الاستخدام العشوائي للأدوية، مؤكداً أنه يجب أن تكون تحت إشراف طبيب بيطري فقط، مع تجنب الاستخدام غير الضروري (مثل منشطات النمو المحظورة)، وحظر استخدام المضادات الحيوية المهمة طبياً في الحيوانات إلا للعلاج.
احترام فترات الانسحاب
لافتاً إلى أنه من الضروري جداً احترام الفترة الزمنية بعد آخر جرعة حتى يخرج الدواء من جسم الحيوان، وهذه (تختلف حسب الدواء والحيوان) وعدم ذبح الحيوان أو بيع الحليب/البيض قبل انتهائها يضمن انخفاض البقايا إلى مستويات آمنة، ووضع حدود قصوى للبقايا، فنهاك العديد من المنظمات الدولية مثل Codex Alimentarius (FAO/WHO)، تحدد حدوداً آمنة للبقايا في الغذاء. لذا يجب على الدول أن تراقب الالتزام بها عبر فحوصات منتظمة.
برامج مراقبة ورقابة
كما أكد حسان أهمية فحص عينات من اللحوم والحليب دورياً، مع معاقبة المخالفين، وتشجيع البدائل مثل اللقاحات، البروبيوتيكس، والإدارة الجيدة للمزارع وتحسين النظافة لتقليل الحاجة للأدوية.
توعية وتثقيف
وختم حسان حديثه بأن الأهم من كل ذلك تثقيف المربين والمستهلكين، مع دعم البحث عن بدائل آمنة، وحسب رأيه أن اتباع هذه الإجراءات، يمكن تقليل المخاطر بشكل كبير، وضمان سلامة الغذاء مع الحفاظ على الثروة الحيوانية.