الحرية ـ رنا الحمدان:
ألقى التأخر في استكمال بناء جامعة طرطوس بظلاله الثقيلة على الطلبة، حيث اضطر كثير منهم إلى تغيير رغباتهم الدراسية والالتحاق باختصاصات لا تتوافق مع طموحاتهم، تفادياً لمغادرة مدنهم أو تحمّل أعباء الإيجارات المرتفعة التي تفوق قدرتهم وقدرة أسرهم.
الطالبة لمى حسن، من فرع الهندسة التقنية الغذائية، أوضحت أنها قدمت من حمص واضطرت للاستئجار مع أربع طالبات في شقة بضواحي طرطوس، مشيرة إلى محاولتها الدائمة لتقليص نفقاتها قدر الإمكان كي لا تشكّل عبئاً إضافياً على أسرتها، لاسيما أن والدها موظف ويعمل على سيارة أجرة خارج أوقات الدوام لتأمين متطلبات العائلة.
بدورها، ذكرت الطالبة نسرين أحمد، من كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية، أنها تقيم في سكن خاص بالفتيات وسط مدينة طرطوس يتمتع بمستوى جيد من الأمان والخدمات، كتوفر الطاقة الشمسية والإنترنت.
أما طالب الطب خالد محمد، فبيّن أنه اضطر مع عدد من زملائه للاستئجار في أحد أحياء العشوائيات نتيجة الارتفاع الكبير في الإيجارات داخل المدينة، موضحاً أن إيجار شقة صغيرة بحاجة إلى صيانة وبأثاث قديم يصل إلى نحو 300 دولار شهرياً، فضلاً عن مطالبة بعض المالكين بدفع الإيجار سلفاً لثلاثة أو ستة أشهر.
من جانبه، أشار حسن مصطفى، أحد أصحاب المكاتب العقارية في طرطوس، إلى أن غياب السكن الجامعي شجّع على الاستثمار في مشاريع السكن الخاص بالإناث، بوصفها مشاريع اجتماعية رابحة وآمنة.
وذكر مثالاً عن أحد المشاريع الواقعة على أوتستراد طرطوس– لبنان مقابل كليتي طب الأسنان والصيدلة، ويتألف من 36 غرفة مزودة بسريرين أو ثلاثة مع حمام خاص، موزعة على ثلاثة طوابق، إضافة إلى مطبخ مشترك مجهز بالغسالات والبرادات، وكافيتريا وبوفيه متكامل، ومراسم لطالبات العمارة والفنون، مع ألواح طاقة شمسية تؤمّن كهرباء دائمة وإنترنت سريع وبوابة آمنة مع إشراف دائم.
ملف السكن الجامعي
أوضح رئيس جامعة طرطوس الدكتور أديب برهوم لـ«الحرية» أن المخطط التنظيمي للجامعة يتضمن إنشاء سكن جامعي، إلا أن تأخر إنجاز الجامعة لأسباب متعددة أبقى الواقع على حاله، لجهة تشتت مقرات الكليات في أبنية مستأجرة.
وأضاف: جرى العمل على عدة مقترحات، منها استئجار أحد الأبنية الحكومية وتحويله إلى سكن جامعي، إضافة إلى تخصيص أحد المشافي العامة كمشفى جامعي، إلا أن هذه المحاولات لم تكلل بالنجاح حتى الآن.
وبيّن د. برهوم أن الجامعة حظيت بدعم رسمي على أعلى المستويات بعد التحرير، يعادل تقريباً ما حصلت عليه خلال عشر سنوات، حيث تم رصد مبلغ 70 مليار ليرة لمشاريع البناء المباشر، كما استؤنفت الأعمال الإنشائية التي كانت متوقفة منذ بداية الشهر الثامن، مع تخصيص تمويل لتغطية عدد من الاحتياجات الضرورية.
وأكد أن نسب القبول هذا العام كانت مرتفعة في جامعة طرطوس، وأن الجامعة تستحق كل الجهود الداعمة لها نظراً لمستوى التفوق العلمي الذي يميز طلابها.
د. برهوم: جرى العمل على عدة مقترحات إلا أنها لم تكلل بالنجاح
الاتحاد الطلابي
من جهته، رئيس فرع اتحاد الطلبة في طرطوس الدكتور مهدي علي، أكد أن الاتحاد عمل وفق استراتيجية تهدف إلى الانتقال من «العمل التقليدي» إلى «العمل المؤسسي والرقمي»، من خلال إعادة هيكلة الاتحاد وتفعيل الهيئات الطلابية في مختلف الكليات وفق آليات اختيار تعتمد الكفاءة.
ووصف د. علي غياب السكن والمشفى الجامعي بـ «الجرح المفتوح» في جامعة طرطوس، مشيراً إلى أن عدم توفر السكن الجامعي، في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، يشكّل عبئاً مالياً كبيراً على أسر الطلبة القادمين من الأرياف والمحافظات الأخرى، ويهدد استمرارية تحصيلهم العلمي.
ولفت إلى أن عدد طلاب جامعة طرطوس يقارب 20 ألف طالب وطالبة، وأن أبرز الصعوبات التي تواجههم تتمثل في التكاليف المرتفعة للنقل والمستلزمات الدراسية، إضافة إلى نقص القاعات المجهزة والمخابر في عدد من الكليات، فضلاً عن البيروقراطية وبطء المعاملات الورقية، وهو ما يعمل الاتحاد على معالجته من خلال مشاريع الأتمتة.
د. علي: عدم توفر السكن الجامعي يشكّل عبئاً مالياً كبيراً على أسر الطلبة
وأشار إلى أنه تم تنفيذ فعالية «مسارك.. قرارك» التي استهدفت أكثر من 500 طالب من خريجي الثانوية العامة بهدف التوجيه الأكاديمي، إلى جانب تنشيط الحياة الجامعية عبر تنظيم دوري كليات الجامعة لكرة القدم، وتأسيس فرق مسرحية وموسيقية قدمت عروضاً نوعية خلال «أيام الاتحاد الثقافية».
وفي إطار التحول الرقمي، أوضح أنه جرى البدء بتأسيس «البوابة الرقمية للاتحاد» لأتمتة الخدمات واستقبال الشكاوى، في خطوة تعد سابقة في العمل الطلابي، وأضاف: المرحلة الراهنة تفرض مسؤولية تاريخية للانتقال من مرحلة الشعارات إلى مرحلة بناء المؤسسات، مؤكداً أن طموح الاتحاد يتمثل في جعل الطالب الجامعي شريكاً في صنع القرار.