الحرية- ثناء عليان:
كان لمنطقة الساحل السوري دور مميز في التاريخ الإنساني والتطور الحضاري، وتعتبر طرطوس مدينة الجبل والبحر باحتوائها على أهم المواقع الأثرية، والتي تعود إلى فترات تاريخية متنوعة، وهي جزء من وحدة ثقافية حضارية تتكامل وتتماهى مع الفسيفساء الحضاري السوري.
أول مستوطنة بشرية
عن تاريخ طرطوس الحضاري ودور دائرة طرطوس في حماية آثارها أكد المهندس والباحث الآثاري مروان حسن لـ الحرية أن طرطوس الحالية مأهولة منذ العهود القديمة، إذ يعتبر موقع (تبة الحمام) الواقع جنوب مدينة طرطوس أول مستوطنة بشرية مكتشفة حتى الآن في المحافظة، تعود إلى العصر الحجري القديم، وفي أواسط الألف الثاني قبل الميلاد كان هناك مملكتان: الأولى مملكة أمورو وعاصمتها مدينة سيميرا (التي يرجح علماء الآثار أن أنقاضها ترقد في موقع تل كزل، الذي يقع على نهر الأبرش جنوب طرطوس).
والثانية مملكة أرواد التي امتلكت اسطولاً بحرياً عظيماً يجوب المتوسط، والتي تتكون من جزيرة أرواد ومدينة عمريت على الشاطئ المقابل لها.
ولا شك–يضيف حسن- أن سكان المنطقة أثروا وتأثروا بالحضارات ضمن عملية التثاقف والتبادل الحضاري، لافتاً إلى أن الشعب الذي صنع السفينة الأروادية (الفينيقية) هو نفسه الذي ما زال يصنعها إلى يومنا هذا، إضافة لتأثر العديد من الشعوب التي دخلت المنطقة باللغة واللباس والمعتقدات الدينية والسياسية، وحتى أبسط العادات.
مهام دائرة الآثار
وبيّن حسن أن مهام دائرة آثار طرطوس من مهام المديرية العامة والمتضمنة حماية التراث الثقافي الثابت والمنقول وحفظه وتسجليه، واستكشاف المواقع الأثرية ومراقبتها لصيانتها وإدارتها، واقتراح إنشاء المتاحف، والقيام بالتنقيبات ودراسة المواقع والمكتشفات ونشرها، إضافة إلى حماية الآثار من التنقيب السري، ومنع الاتجار بها أو تهريبها، وملاحقة الجرائم الواقعة على الآثار.
تقوم الدائرة –يضيف حسن- بمتابعة العمل في جميع المواقع الأثرية الواقعة ضمن الحدود الإدارية للمحافظة، والمؤلفة من مئات المواقع الأثرية، منها القلاع والأبراج والتلال الأثرية، إضافة للمدن القديمة والمباني الأثرية والتاريخية، منها المواقع المسجلة اثرياً ومنها مواقع بصدد التسجيل, لكن جميع هذه المباني والمواقع تقع ضمن الحراسة الثابتة أو الجوالة، حسب الكوادر البشرية المتوفرة (علما أنها غير كافية ولا تغطي حاجة المواقع الأثرية من المراقبة والمتابعة ).
منهجية العمل
وأكد أنه يتم التركيز من خلال منهجية العمل على رفع مستوى الأداء العام لتنفيذ المهام الموكلة للدائرة، وتكثيف الأعمال المتعلقة بالتنقيبات الأثرية وأعمال الترميم لبعض المواقع الأثرية الهامة، وذلك بهدف كشف هذه المواقع وحمايتها والعمل على تأهيلها لاستقبال الزوار والسواح ما يساهم في زيادة الدخل الوطني، وهذا يتطلب تكثيف الجهود والتعاون من جميع مؤسسات الدولة مع السلطات الأثرية لحماية هذه المواقع، ومنع العبث والتعدي عليها كونها إرث حضاري وطني إنساني يعني الجميع، ومصدر دخل وطني هام (لسياحة الثقافية عنصر هام في مستقبل سورية السياحي).
دراسات الترميم والأرشفة الإلكترونية
ولفت حسن إلى أن الدائرة تقوم بمتابعة العمل في جميع المواقع الأثرية الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة من خلال، مراقبة المواقع المسجلة والمعينة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع التعديات عليها، وتعيين حدود ووجائب حماية المواقع الأثرية، وإعداد أضابير فنية لتسجيلها على قائمة التراث الوطني، ومنح رخص الترميم والإشراف عليها، والقيام بأعمال التنقيب الطارئ ضمن المواقع الأثرية حسب الإمكانيات المتاحة.
كما تعمل مديرية الآثار على إعداد دراسات الترميم والتأهيل للمباني والمواقع الأثرية، وإجراء كشوف خبرة فنية على المصادرات الأثرية التي تقوم بها الجهات المختصة، والقيام بأعمال الأرشفة الإلكترونية للمواقع الأثرية المسجلة والمعينة، بالإضافة لأرشفة القطع المتحفية الكترونياً.