الحرية- راتب شاهين:
تبرز العاصمة السعودية “الرياض”، كمحطة في العلاقات الدولية، من جهة تبريد بعض القضايا الساخنة، وعلى رأسها الحرب الروسية– الأوكرانية، فالرياض تلعب هذا الدور لما لها من علاقات جيدة وقديمة مع واشنطن من جهة، وعلاقات جيدة حديثة مع موسكو من الجهة المقابلة.
تصريحات إيجابية صدرت على نتائج محادثات الرياض، فوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، صرح بأن محادثات الرياض مع واشنطن نافعة وناجحة، فيما أكد الطرف الأمريكي أهميتها ورحب بنتائجها، لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي صرح بأن نتائج محادثات الرياض غير ملزمة لكييف، إذ إن الملف الأوكراني معلق على مفارق حساسة، لكن تصريح زيلينسكي لن يغير من المعادلة التي رسمتها المحادثات بين قوى عظمى.
خيارات عدة أمام أوكرانيا والقوى المعنية، في حال رفضها لنتائج محادثات الرياض، أولها: يأتي حسب تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي دعا إلى انتخاب آخر غير زيلينسكي، وثانيها: انقلاب عسكري، تحت وصاية أمريكية يقبل بالتفاوض مع روسيا على النقاط الخلافية، لكن أخطر الخيارات البقاء على الوضع الراهن إلى أمد غير منظور، بدفع من أوروبا، التي يبدو أن ترامب يراها خارج أي محادثات او اتفاقات، ويريدها لتنظيف ممرات المحادثات والغبار الذي نشأ عن الصراع.
أن تضع القوى العظمى جبروتها لتبريد النيران أمر مستحسن، لكن يبقى السؤال إلى متى مشرع؟. المعروف أن هذه القوى قد تشعل بؤراً جديدة في أماكن أخرى من العالم، ولنا في المئة عام الماضية كنموذج عن كيفية تسيير العلاقات الدولية، بسياسة حافة الهاوية، وأحياناً إذا اقتضت الضرورة في الهاوية نفسها، وصولاً إلى المجهول.
كثيرة هي المشاكل الدولية المتراكمة، فلا قوانين دولية أو مؤسسات قادرة على ضبط الفوضى المدمرة التي يدفع البشر ثمنها، ولا قوى قادرة وتريد حل الإشكالات بمعزل عن تشغيل مصانع السلاح لديها، فهناك الملفات الشائكة في الشرق والغرب وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي تعجز حتى القوى العظمى من إيجاد حل عادل لها. وتلاقي القوى الدولية ضرورة لإيجاد ثغرة في جدار العزلة والقرارات الأحادية.
محادثات الرياض خطوة باتجاه التلاقي والمحادثات على طريق التفاهم والاتفاقات، أي إنه يمكن الحديث عن بصيص أمل في العلاقات الدولية، ومحطة لابد ان ينطلق منها المسار نحو عالم أقل وحشية، رغم أن هناك من سيدفع الثمن.