الحرية – مها سلطان:
خبر لم يتم تداوله على نطاق واسع، لكنه مهم بالنسبة لنا في سوريا. الخبر الذي أوردته جريدة «الشرق الأوسط» السعودية، قبل يومين، مفاده أن سوريا ستشارك في اجتماع لمجلس التعاون الخليجي على مستوى وزراء الخارجية، وذلك إلى جانب مصر والمغرب والأردن. الاجتماع مقرر نهاية الأسبوع الجاري، في مكة المكرمة، أي بعد يومين من القمة العربية الطارئة التي تستضيفها الثلاثاء المقبل العاصمة المصرية القاهرة، وتم توجيه دعوة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.
وحسب «الشرق الأوسط» فإن اجتماع مكة المكرمة «ستهيمن على أعماله التطورات الإقليمية، والأوضاع في قطاع غزة، وكذلك التطورات السياسية في سوريا»، وقالت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي: «سيتم عقد اجتماعات وزارية مشتركة بين وزراء الخارجية الخليجيين ونظرائهم في كل من سوريا ومصر والمغرب والأردن».
من البدهي هنا الربط بين اجتماع مكة المكرمة والقمة العربية الطارئة، والتساؤل ما إذا كان استكمالاً لها لناحية بحث تفاصيل المتفق عليه في القمة، خصوصاً إذا كان المتفق عليه يتعلق بإعمار غزة، ومساره وأطرافه وتقاطعاته.. الخ، أو ما إذا كان الاجتماع نوعاً من التحضير المسبق لاجتماع عربي أضيق وأكثر تحديداً في حال لم تخرج القمة باتفاق كامل. وللتوضيح، نحن نفترض جميع الاحتمالات، وليس بالضرورة أن تكون صحيحة، ولكن نقدمها من باب التحليل والتوقع، ومن باب الاهتمام والتركيز خصوصاً أن سوريا حاضرة.
ولأن سوريا حاضرة فإن الاجتماع يكتسب أهمية مضاعفة بالنسبة لنا كسوريين، هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها سوريا حاضرة في اجتماع لمجلس التعاون الخليجي، جرت العادة أن تكون مصر حاضرة أو الأردن، أو كليهما (والمغرب في السنوات الأخيرة)، وهذا أمر مبشر لناحية تثقيل الدعم العربي لسوريا في مواجهة التحديات، خصوصاً الاعتداءات الإسرائيلية التي تتوسع وتتصاعد.
وكانت السعودية ودول الخليج نددت بالاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وأعربت عن إدانتها واستنكارها لها ولمحاولات إسرائيل زعزعة أمن سوريا واستقرارها في انتهاكات متكررة للاتفاقيات والقوانين الدولية ذات الصلة، مشددة على ضرورة نهوض المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه هذه الاعتداءات التي تزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة.
هذا التضامن الخليجي مع سوريا سيكون حاضراً في اجتماع مكة المكرمة وسيكتسب أهمية مضاعفة مع حضور مصر والأردن والمغرب، وعليه فإن التفاؤل يتسع باتجاه تنسيق عملي أكبر لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية ولتكون القيادة السورية الجديدة قادرة على بناء الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار.
وإذا كان التركيز سيكون على بحث التطورات السياسية، فإن المأمول للسوريين أن يترافق مع بحث التطورات الاقتصادية، وكيفية مساعدة سوريا على النهوض واستعادة الاقتصاد ليكون داعماً للاستقرار السياسي، فكلاهما لا ينفصل عن الآخر، خصوصاً أن سوريا تسعى لتثبيت خطوات الاستقرار السياسي، وتالياً الاستقرار الأمني، وبما يخلق بيئة جاذبة للمستثمرين والاستثمارات، وبقدر ما يتعزز الاحتضان العربي لسوريا بقدر ما يتعزز الاستقرار السياسي والأمني، وصولاً إلى الاقتصادي.. هذا عدا عن تأثير ذلك بصورة حاسمة على جهود رفع العقوبات، إذ يمكن اعتبار الاحتضان العربي بمنزلة ضامن عربي وركن أساس في توسيع خطوات رفع العقوبات، نحو استكمالها أوروبياً، ثم الانتقال إلى العقوبات الأميركية، وهي الأساس في عملية النهوض الاقتصادي.
وكانت السعودية الوجهة الأولى للسيد الرئيس أحمد الشرع، حيث زارها في 2 شباط الماضي، وأجرى مباحثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وكبار المسؤولين السعوديين حول المستجدات على الساحة السورية والخطط الموضوعة لتثبيت الأمن والاستقرار، وآفاق العلاقات بين دمشق والعواصم العربية والجهود المبذولة لرفع العقوبات.