تخفف جزءاً من خسارتهم.. فلاحو اللاذقية يعبّرون عن ارتياحهم لمكافأة دعم القمح  

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – باسمة اسماعيل :

عبر العديد من فلاحي محافظة اللاذقية عن ارتياحهم لصدور المرسوم رقم ٧٨ لعام ٢٠٢٥ ، الذي أصدره السيد الرئيس أحمد الشرع، القاضي بمنح كل مزارع يسلم أقماحه إلى المؤسسة العامة للحبوب مكافأة تشجيعية قدرها ١٣٠ دولاراً عن كل طن قمح، بالإضافة إلى سعر شراء القمح درجة أولى دوكما، الصادر عن وزارة الاقتصاد والصناعة المحدد بـ ٣٢٠ دولاراً للطن الواحد.

واصفين المرسوم بأنه جاء في موسم شحيح، شجع الفلاحين على تسليم محصولهم، لكون القمح يشكل حجر الزاوية في الأمن الغذائي السوري.

وفي لقاءات أجرتها “الحرية” مع عدد من المزارعين، أجمعوا على أن المكافأة دفعت بالكثيرين منهم إلى التراجع عن قرار بيع محصولهم للتجار أو تحويله إلى برغل لتعويض الخسائر، مؤكدين أنها ساهمت في تخفيف جزء من تكاليف الإنتاج الباهظة.

العودة إلى مراكز التسليم

من قرية عرب الملك في جبلة، الفلاح علام الدين أحمد بيّن أنه سلّم كامل محصوله، البالغ ثلاثة أطنان ومئتي كيلوغرام، إلى مركز الاستلام في قبو العواميد – جبلة، لافتاً إلى أن أغلب فلاحي قريته والقرى المجاورة فعلوا الشيء نفسه، بعد أن كان المركز قد استقبل في بداية الموسم ثلاثة فلاحين فقط كما علم من مصادره.

أما رئيس جمعية فلاحي قرية نبع الخندق في منطقة الحفة ناقي ديوب، فقد أشار إلى أن الجمعية التي كانت تسلّم في السنوات السابقة أكثر من ٤٠٠ طن، تراجع إنتاجها هذا العام إلى نحو ٦٠–٨٠ طناً فقط، وقلت المساحة من ١٢٠٠ دونم إلى ما يقارب ٤٥٠ دونماً، بسبب تأخر الأمطار وغلاء تكاليف مستلزمات الإنتاج (بذار – أسمدة – أدوية – حراثة … إلخ)، وتزامن فترة زراعة القمح مع فترة التحرير، فلم يتمكن الفلاحون من استلام البذار من مؤسسة إكثار البذار في اللاذقية.

وأضاف: بدأ الفلاحون بتسليم محاصيلهم للجمعية أمس، وكمبادرة دعم شخصية، سأقوم الأسبوع المقبل بنقل المحاصيل كلها بسيارتي إلى مركز التسليم.

رؤية اقتصادية شاملة

في السياق ذاته، أوضح الدكتور علي ميا أستاذ الاقتصاد في جامعة اللاذقية، في تصريحه لصحيفتنا “الحرية”، أن المنحة تعد إجراء تشجيعياً مهماً في هذا الوقت الحرج، لما لها من أثر مباشر في تعويض جزء من خسائر الفلاحين المتكررة، بسبب الظروف المناخية وارتفاع كلف مستلزمات الإنتاج (البذار، الأسمدة، المحروقات، المبيدات، ..إلخ)، ما جعل تكلفة الزراعة مرتفعة وتتسبب بخسارة الفلاحين، رغم أهمية المحصول لاقتصادنا، ما كان يؤدي إلى عزوف الفلاحين عن زراعته، إلا أن هذه المنحة جاءت في وقتها الصحيح.

وتابع: برأيي الشخصي ستكون لها آثار اقتصادية إيجابية وكبيرة على قطاعي الزراعة والصناعة، لأن المنتجات الزراعية، وخاصة القمح يعدّ مدخلاً أساسياً لصناعات تحويلية وغذائية كبيرة مثل الخبز والمعكرونة، وهذا سيؤدي إلى توفير فرص عمل كبيرة من خلال إيجاد صناعات القيمة المضافة، التي تدر دخولاً كبيرة لأصحابها والعاملين فيها، وتوفيراً في القطع الأجنبي الذي يذهب لاستيراد القمح المزمن.

ولفت إلى أن القرار الرئاسي القاضي بدعم سعر القمح، يدل على اهتمام الدولة الحقيقي بهذا القطاع الحيوي، وجدية الحكومة بإيلاء قطاع الزراعة المكانة التي يستحقها، عبر منح مكافأة مجزية لكل طن، تضاف على السعر الحقيقي، ما سيؤدي لتشجيع الفلاحين على زيادة إنتاجهم وتحسين نوعيته، والانطلاق إلى مرحلة جديدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والسيادة الغذائية، والتأسيس لبناء اقتصاد زراعي مستدام يعتمد على مواردنا المحلية التي منحها الله لبلادنا، والانتقال لمرحلة التصدير لاحقاً بدلاً من الاعتماد على الاستيراد المزمن.

وختم ميا تصريحه متمنياً رفع مستوى الدعم، وأن تكون المكافأة في المستقبل أكثر، بما يتناسب مع التحديات، ويضمن استمرار التنمية الزراعية في سوريا.

خطوة في الاتجاه الصحيح

خبراء زراعيون وفلاحون أكدوا أن المنحة الرئاسية لم تكن فقط دعماً مالياً، بل دعماً معنوياً، أعاد الثقة والأمل لفئة طالما واجهت المصاعب في الإنتاج، معتبرين أنها خطوة أولى في طريق طويل نحو الاكتفاء الذاتي وتخفيض فاتورة الاستيراد، وخصوصاً أن القمح يمثل أساساً لصناعات تحويلية كبرى.

كما طالبوا الجهات المعنية بوضع خطة زراعية تتوافق مع خصوصية كل منطقة من حيث التربة والمناخ، للحفاظ على جودة الزراعة والاستقرار الزراعي في سوريا.

Leave a Comment
آخر الأخبار