الحرية – نهلة أبو تك:
يحمل المرسوم الأخير القاضي بإعفاء استهلاك الكهرباء من جميع الرسوم المالية والإدارية، والتي كانت تصل إلى نحو 21.5%، بارقة أمل جديدة للزراعة والصناعة في سورية، بعد سنوات أثقلت فيها فاتورة الطاقة كاهل المزارعين والصناعيين والأسر على حد سواء.
فالزراعة الحديثة لم تعد ممكنة دون الطاقة، إذ تدخل في كل مراحل الإنتاج من تشغيل الآلات الزراعية وإدارة المياه والري وصولاً إلى الحصاد. ومع قرار الإعفاء، يتوقع المزارعون خفضاً في التكاليف يتيح لهم زيادة الإنتاج وتوسيع الاستثمار الزراعي، بما ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع الغذائية واستقرارها في الأسواق.
الانعكاسات الإيجابية للقرار لا تتوقف عند المزارعين، فالتجار الذين يعتمدون على الكهرباء في التبريد والتخزين والنقل، يجدون فيه فرصة لتقليص جزء مهم من مصاريفهم التشغيلية، ما يفتح الباب أمام تخفيف الأعباء عن المستهلك النهائي.
الخبير الاقتصادي د. إيهاب سمندر أوضح لـصحيفتنا “الحرية” أن القرار سيشعر المواطن بأثره أولاً.
فطاقة الكهرباء تشكّل حالياً ما لا يقل عن 15% من دخل الأسرة السورية، وهو رقم مرتفع جداً مقارنة بالمعدل العالمي الذي يتراوح بين 2 و4%. وأي تخفيض ولو جزئياً سيسهم في تقليل العبء الشهري عن الأسر السورية.
قرار إلغاء رسوم الكهرباء خطوة على طريق إعادة الإعمار
وأضاف سمندر إن القرار يكتسب أهمية أكبر في القطاع الصناعي، موضحاً أن الكهرباء تدخل بما يقارب 30% من تكلفة الإنتاج الصناعي، وبالتالي فإن الإعفاء خطوة تدعم تنافسية المنتج السوري محلياً وخارجياً، وتساعد على استعادة جزء من مكانة الصناعة الوطنية.
وفي الوقت نفسه، شدد على أن فعالية القرار تبقى مرهونة بمدى تحسن واقع التغذية الكهربائية نفسها، مؤكداً أن الإعفاء من الرسوم خطوة إيجابية، لكنه يظل محدود الأثر إذا لم يترافق مع إصلاحات أوسع في قطاع الكهرباء وضمان استمرارية التزويد.
وبينما ينظر السوريون إلى المرسوم كبشارة خير في طريق طويل لإعادة بناء اقتصادهم، يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة هو تأمين الكهرباء بشكل كافٍ، لتتحول القرارات الداعمة من مجرد تخفيف جزئي للأعباء إلى رافعة حقيقية للإنتاج والنمو.