الحرّية- هبا علي أحمد:
أصدر السيد الرئيس أحمد الشرع المرسوم رقم (114) لعام 2025 القاضي بتعديل بعض مواد قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 وتعديلاته.
وفي السياق، يرى المستشار الاقتصادي ورئيس مجلس النهضة السوري،عامر ديب، في تصريح لـ”الحرّية” أنه في ظل التحولات السياسية والإدارية التي تقودها حكومة الرئيس أحمد الشرع، جاء تعديل قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 ليشكّل محطة مفصلية في مسار الاقتصاد السوري، ولاسيما مع إنشاء “صندوق التنمية” ككيان مستقل يُفترض أن يكون الأداة التنفيذية الكبرى لمشاريع الإعمار والتحفيز الاقتصادي.
تعديل قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 يشكّل محطة مفصلية في مسار الاقتصاد السوري
ضبط البيئة الاستثمارية
ومن حيث المبدأ، يمكن القول إنّ هذه التعديلات تمثل خطوة جادة نحو إعادة ضبط البيئة الاستثمارية ومحاولة لتقديم صورة أكثر شفافية وانفتاحاً لرأس المال المحلي والأجنبي، خاصة في ضوء التراجع العميق الذي شهدته مؤشرات الثقة والتمويل على مدى سنوات الحرب والعقوبات، وفقاً لديب، فالتعديل الجديد لم يقتصر على تحسين بعض المواد الإجرائية في القانون 18، بل تجاوز ذلك إلى إحداث بُنية مؤسساتية جديدة من خلال تأسيس صندوق يحمل طابعاً مستقلاً إدارياً ومالياً، ويتبع مباشرة لرئاسة الجمهورية، وهذا ما يمنحه ثقلاً سياسياً ومؤسساتياً واضحاً، ويبعث برسائل طمأنة إلى المستثمرين المحتملين.
..فالصندوق، كما أعلن، سيتولى دعم مشاريع إعادة الإعمار، وتمويل البنى التحتية، وتقديم قروض حسنة لقطاعات التنمية المستدامة. وهي جميعها أهداف تحمل طابعاً تنموياً ملحّاً، بل وضرورياً في السياق السوري.
خطوة جادة نحو إعادة ضبط البيئة الاستثمارية ومحاولة تقديم صورة أكثر شفافية وانفتاحاً لرأس المال المحلي والأجنبي
خطوة مرهونة
إلّا أنّ هذا التعديل يطرح العديد من الأسئلة المتعلقة بالتمويل والشفافية والثقة الدولية وغيرها، وبذلك نجد أنه رغم وجاهة المبادرة، إلّا أن فعالية هذه الخطوة ستبقى مرهونة بعدة عوامل حاسمة، يشرحها المستشار الاقتصادي على النحو التالي:
التمويل: من أين سيأتي رأس مال الصندوق؟ هل سيكون تمويلاً حكومياً داخلياً؟ أم هناك خطط للتعاون مع منظمات دولية أو بنوك تنموية؟.. من دون وضوح في مصادر التمويل، قد تبقى هذه الخطوة نظرية.
التعديل يبقى مرهوناً بالتمويل والشفافية والإدارة والثقة الإقليمية والدولية
الشفافية والإدارة: لا يكفي تأسيس كيان جديد إن لم يُرافق ذلك بآليات رقابية مستقلة، وإفصاحات مالية دورية، وشراكات حقيقية مع القطاع الخاص، ومعايير واضحة لتقييم المشاريع.
الثقة الإقليمية والدولية: تحتاج هذه المبادرات إلى اعتراف واحتضان إقليمي ودولي، وهو أمر لن يتحقق ما لم ترتبط التعديلات الاقتصادية بإجراءات سياسية تفتح الباب لمصالحة وطنية وتحسين سجل الحوكمة.
القطاع الخاص بحاجة إلى أكثر من قوانين.. بحاجة إلى ضمانات وبيئة منافسة عادلة ونظام مصرفي موثوق
بين الأمل والحذر
لا شك في أن ما تمّ إعلانه يحمل روح التغيير، وقد يكون منطلقاً لمرحلة أكثر مرونة وانفتاحاً في السياسة الاقتصادية السورية، لكن أي تفاؤل حسب ديب،لا بدّ أن يُبنى على أساس المتابعة، والحوكمة الرشيدة، ومصارحة الجمهور، كما أن القطاع الخاص بحاجة إلى أكثر من قوانين؛ إنه بحاجة إلى ضمانات، وإلى بيئة منافسة عادلة، وإلى نظام مصرفي موثوق.
بالمحصلة، ما بين النصوص والتطبيق، تبقى المسافة طويلة، والتعديلات على القانون 18 ستكون اختباراً سياسياً واقتصادياً حقيقياً لقدرة الإدارة الجديدة على إيجاد مناخ أعمال جديد يعوّض ما خسرته سوريا خلال السنوات الماضية، كما لفت ديب، ويبقى الرهان الأكبر: هل يتحول “صندوق التنمية” إلى أداة نهضة؟ أم يُختزل في كونه شكلاً بيروقراطياً جديداً؟