تعزيز الإنتاج الأسري أولى خطوات تحقيق الأمن الغذائي السوري

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – مركزان الخليل:

تركت الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي مرت بها سوريا خلال الحقبة الماضية، آثارها السلبية على مشاريع التنمية في مختلف المجالات، إلا أن المجال الغذائي هو الأخطر في حسابات ذلك، لما يحمله من تحديات كثيرة، منها المناخية والطبيعية وأخرى تتعلق بطبيعة الاستهلاك الغذائي.

سورية مازالت منتجة للغذاء

الخبير التنموي “أكرم عفيف” أكد لـ”الحرية” أن موضوع الأمن الغذائي السوري مهم للغاية، حيث صمدت سوريا أمام تحديات لسنوات طويلة، بفضل ما يسمى الأمن الغذائي، “الإنتاج الريفي” والإنتاج الأسري.. فسوريا مازالت منتجة لليوم، حيث يمكن العثور على خمسة أنواع من الطعام في الريف، ما يدل على وجود شيء مميز في هذه الأرض، بالإضافة إلى الإنسان المنتج الذي يعتمد على إنتاجه وطعامه من إنتاجه أيضاً.

البداية من الأسرة

وأشار”عفيف” إلى أن الخطوات الأولى في تعزيز الأمن الغذائي في سوريا، يجب أن تكون على المستوى الفردي، من خلال تعزيز الإنتاج الأسري.

خبير تنموي: ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي وعدم استقرار الأسعار في السوق ونقص تمويل الإنتاج والتغيرات المناخية عوامل مهددة بفقدان الأمن الغذائي

وقال: “سر مبادرة المشاريع الأسرية السورية، هو أن يكون الإنتاج الأسري، في الأسرة الواحدة كافياً للأسرة وعدد من الأسر، ويمثل دخلاً بحيث نضبط جودة هذا المنتج ليصبح منافساً في السوق الداخلية والخارجية”.

نحتاج إدارة للموارد

وأضاف عفيف: هناك مؤسسات للتدريب، وجهات دولية تساعد في سوريا، ما يمكنها أن تسهم في تحسين مستوى المنتج الأسري وخاصة الغذاء منه. وقال: “نستطيع مثلا إذا زرعنا الفطر المحاري اليوم، بعد شهر نبدأ في أكله، مشروع بتكلفة قليلة، الفطر حوالي 6000-7000 ليرة سورية، ثمنه بالسوق بين 25-30 ألف ليرة، ومن لديه مساحات مناسبة فيمكن أن يستثمر في هذا المشروع، لكن نحتاج إلى إدارة الموارد، كيف يمكن؟ ماذا نفعل بهذا الفطر، إذا لم يسوق كطازج؟ تخليله، تعليبه، تجفيفه، إدخاله في الشوربات وغير ذلك، وهذا مجرد مثال لمنتجات أخرى يمكن أن توفر الغذاء والاكتفاء منه.

الأمن الغذائي في خطر…!

وبالتالي فان سوريا يمكن أن تعطي إنتاج لحم خلال مدة 45 يوماً إذا عملنا مزارع صغيرة، والسعي دائماً لتحسين واقع المزارع الحالية، مؤكداً أن “الأمن الغذائي في سوريا اليوم مهدد، بسبب مجموعة من الظروف، مثل التغيرات المناخية، وتكاليف الإنتاج الزراعي العالية، وعدم استقرار الأسعار في السوق، وعدم تمويل الإنتاج الزراعي، إلى جانب خسائر الفلاحين، وزيادة الأمراض الجائحة، مثل الحمى الزائلة التي قتلت جزءاً كبيراً من الأبقار” وغير ذلك من المعوقات.

إيجاد بدائل زراعية

وأكد عفيف على ضرورة العمل على إيجاد بدائل زراعية قليلة الاستهلاك المائي، وكبيرة الإنتاجية ما يساهم في تحسين مستوى الدخول عند الأفراد والأسر، لكن “للأسف” كان هناك شيء اسمه حصاد الأمطار، وتجميعها في السدود، لكن جزءاً كبيراً من السدود كانت مهمتها فاشلة، ففي منطقة الغاب، أنجزت ربما خمسة سدود، سد دير شميل الفاشل، كان يستوعب 28 مليون متر مكعب من الماء، انخفض إلى دون 8 ملايين، ومن ثمّ أصبح سداً لتغذية المياه الجوفية، علماً أنه كان سداً تجميعياً.
سدود أفاميه ثلاثة، إثنان منها في حالة الفشل، وواحد يستوعب 27 مليون متر مكعب، وسدود ست قسطون وزيزون.. زيزون كان يستوعب 55 مليون متر مكعب من الماء، وانهار السد ولم يعد للخدمة بعد، وقسطون في يحتوى 28 مليون متر مكعب، وهذه كميات غير كافية لري الغاب وتحسين الدخل، فأصبحت الأراضي حالياً غير مروية نهائياً، ناهيك بحالة الجفاف السائدة والتحديات المناخية.”

عفيف: ضرورة البحث عن بدائل زراعية قليلة الاستهلاك المائي وكبيرة الإنتاجية لتعويض النقص وإلغاء حالة الخطر

لذا من الضروري جداً البحث عن المتوافر، والاستفادة من الأمطار من كل نقطة مطر، لأن المياه في الشتاء لا تذهب إلى البحر، لذا “يجب استثمارها.”

الاستثمارات الزراعية ضعيفة

أما فيما يتعلق بدور رؤوس الأموال في تحقيق الأمن الغذائي على المستوى المحلي، فقد أكد “عفيف” على ضرورة توفيرها للمساهمة في تمويل المشروعات الأسرية وغيرها مهما كان حجمها، لكن “للأسف” الشديد اليوم لا يوجد استثمار زراعي بالمعنى الحقيقي، فالاستثمار الزراعي رغم أن المنتجات الزراعية السورية تغزو العالم، مثل منتجات الدرة، الدلتا، الأحلام، الموجودة إلى جانب كثير من الشركات السورية أيضاً في الخارج، السوريون علموا العالم الملوخية، والتي أساسها مصري، لكن السوريين نجحوا في طبخها، السوريون اليوم في مطاعم الفلافل، حتى في مطاعم أوروبا هم سوريون، وبالتالي هؤلاء قادرون على قلب المعادلة خلال مدة قياسية، لكن يجب وضع الإنتاج الزراعي، والأمن الغذائي تحت المجهر، والعمل سريعاً لزج الطاقات والإمكانيات للعمل وفق منهجية مبادرة المشاريع السورية، والتي عنوانها زج طاقات وإمكانيات وإبداعات، وأفكار وعلوم واختراعات السوريين، في عملية تنمية شاملة، تستهدف كل مناحي الحياة، وفي مقدمتها الغذاء.”

Leave a Comment
آخر الأخبار