الحرية – بقلم يسرى المصري:
اقرأ الخبر ..مرتين وأكثر ..ليس كأي خبر ..البعض استقبله بدموع الفرح ..وأخيرأ بعد جهود مضنية ومشكورة تم توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قانون موازنة وزارة الدفاع لعام 2026، والمتضمن إلغاءً كاملاً لـ”قانون قيصر”، .هذه المرة كان السوريون أشد فرحاً بقانون وزارة الدفاع الأمريكية من وزارة الدفاع الأمريكية نفسها ..تخطت سوريا العقوبات ..وهذا إنجاز لن ينساه السوريون وجاء متزامناً مع الاحتفالات بذكرى التحرير ..كما لن ينسى السوريون ماعانوه من ظلم وحرمان وشظف بالعيش من جراء سياسات النظام البائد الظالمة والفاشلة ..اليوم صفحة مباركة ومرحلة جديدة تمثل تحولاً مفصلياً في العلاقات الدولية مع سوريا يتوج ..كالغيث المغيث على المعيشة اليومية للسوريين، والاقتصاد الوطني، ومستقبل البلاد.
القصة طويلة ..وأخيرا جاء الإلغاء ضمن مسار تشريعي بدأ بإعلان البيت الأبيض في أيار 2025 عن نية رفع العقوبات. وافق مجلس النواب بأغلبية 312 صوتاً مقابل 112، وتبعه مجلس الشيوخ بموافقة 77 عضواً مقابل 20، قبل أن يوقع الرئيس ترامب على القانون ليصبح نافذاً. وقد دعم هذا المسار جهود دبلوماسية سورية ودعم من الجالية والمنظمات السورية الأمريكية.
يرى الخبراء أن التأثير سيكون متدرجاً عبر مرحلتين تتضمن المرحلة الأولى
التأثيرات النفسية والمباشرة كتحسن سعر الصرف حيث شهدت الليرة السورية ارتفاعاً فورياً بنحو 6% مقابل الدولار بعد إقرار الإلغاء. ويتوقع استمرار هذا التحسن بسبب تراجع “عامل الخوف” واندفاع الناس نحو العملة الصعبة.
إضافة الى تحسن النشاط التجاري نتيجة للثقة المتجددة وبدء تحسن سعر الصرف.
ونبشر السوريين بما طال انتظاره من التحسن المعيشي الملموس (متوسط الأجل عام إلى عامين)
كما يتوقع الخبراء أن تبدأ التأثيرات الحقيقية في الظهور خلال هذه الفترة عبر عدة قنوات منها انخفاض أسعار السلع بسبب انخفاض تكاليف الاستيراد وزيادة المنافسة في السوق.
وتحسن الدخل وتوفر الوظائف مع تدفق الاستثمارات وبدء مشاريع إعادة الإعمار.
وعودة الخدمات الأساسية وتحسن القدرة على تمويل شبكات الكهرباء والمياه والصحة.
يستحق السوريون الفرح بعد أن جاء الفرح والفرج برحمة من رب العالمين ونعلم أن طريق العمل والاجتهاد بات مفتوحاً ومتاحاً لكل المخلصين .. ونعلم أن التأثير الفوري سيكون نفسياً وسياسياً أكثر منه تحولاً بنيوياً، بينما يعتمد التحسن الحقيقي والمعيشي على تحولات أعمق وأكثر ثقة في الاقتصاد.
حيث يضع الإلغاء أساساً لتعافي اقتصادي أوسع من خلال انفتاح القطاع المصرفي الذي يفتح الباب أمام إعادة ربط البنوك السورية بشبكات التحويل الدولية (مثل سويفت)، ما يسهل المعاملات المالية والتجارية. ويتطلب ذلك تحديث البنية الداخلية للقطاع المصرفي ورفع مستوى الشفافية.و أيضاً جذب الاستثمارات إذ يزيل العقبة القانونية الكبرى التي كانت تثني المستثمرين. ويتوقع دخول استثمارات خليجية وأمريكية، خاصة في قطاعات الطاقة والنفط والغاز، حيث كانت شركات مثل “شيفرون” و”كونكو” قد أبرمت اتفاقات مسبقة.
كما إن خفض تكاليف التشغيل سيؤدي إلى انخفاض كبير في تكاليف التأمين والامتثال القانوني المرتفعة جداً التي كانت تتحملها الشركات الراغبة في العمل في سوريا.
سوريا باتت أقرب الى الازدهار والتعافي واعادة الإعمار حيث يمثل الإلغاء نقطة تحول في مكانة سوريا الدولية
و إعادة الإعمار إذ يقدر البنك الدولي تكلفة إعادة إعمار سوريا بما لا يقل عن 216 مليار دولار. ويُعد رفع العقوبات شرطاً أساسياً لجذب الاستثمارات الضخمة المطلوبة لهذه المهمة.
وبات الباب أكثر اتساعاً لعودة اللاجئين حيث ترى مسؤولة مفوضية الأمم المتحدة للسكان في لبنان أن رفع العقوبات قد يشجع على عودة المزيد من اللاجئين، وتوقعت أن يقترن ذلك باستثمارات كافية تخلق فرص عمل.
فيما يتعلق بالقطاعات الخدمية. حيث يؤكد وزير السياحة أن القطاع سيدخل مرحلة جديدة لاستقطاب الاستثمارات وبناء منتج سياحي حديث ومستدام.
طوبى لسوريا ..أصبحت الآفاق الإيجابية تنشر نسائم التعافي ولن يكون صعباً فكل مابعد قيصر تحديات غير جسيمة.
إن إلغاء “قانون قيصر” ليس حلاً سحرياً، ولكنه يغير قواعد اللعبة من خلال إزالة العائق الخارجي الأكبر أمام التعافي الاقتصادي. نجاح هذه المرحلة سيترافق مع تحويل الإمكانيات النظرية إلى إنجازات ملموسة. واليوم بعد التحرير مصير سوريا بات في أيدٍ أمينة والأمل والحرص والعمل يرتبط. بلا شك مع قدرة الحكومة والمجتمع الدولي على تحويل الفرصة إلى مشاريع تنموية حقيقية تعيد الأمل والاستقرار لملايين السوريين.