الحرية – حنان علي:
“ما عم يجيني نوم
حاسس كأنو في بلد مستنية تركض لصدري، تضمني، وتقول سامحني
وحاسس كأنو في عتم قاعد على جبيني
رح يمسحه ترابا
وخايف إذا غمّضت
شي صدر تاني يفتح بوابو
وابقى أنا ميّت على بوابا.”
صباح التحرير كُتبت العبارات، غنتها بصوتها المبحوح، بالقرب من إحدى وردات شرفتها ربما! أو أثناء حزمها لأحد أكياس الملابس لتوزيعها على المحتاجين. أو لعلها كانت تحضر المأكولات لبعض الأسر المعوزة.
من يصغي للفنانة سمر سامي تترنم بالفرح يعود بالذاكرة إلى تلك المراهقة التي اتخذت من الغناء حلماً قبل أن تخطفها أذرع الدراما إلى أروقة التمثيل ومن أغاني العمالقة تسلب صوتها.
دراما رمضان تفتقد سمر سامي هذه السنة ويشتاقها جمهورها، تلك المرأة المؤْثِرة التي اعتزلت الضوضاء والزيف، المتأملة بالحياة المتعمقة بجوهرها. المختارة لحياةٍ بسيطةٍ متواضعة، العاشقة لفلسفة غاندي الروحية التي تراها “السبيل الوحيد للبشرية للخروج من أزماتها”.
دربٌ شائك
لم تدرس الفنانة سمر سامي التمثيل أكاديمياً؛ فالقسوة التي مارستها عليها معلمتها أجبرتها على ترك المدرسة منذ المرحلة الابتدائية، لتعيش سامي في عزلة عن الآخرين، مكتفية بالملكوت الذي صورته الكتب التي أدمنت قراءتها. اختطفها الفن بداية كمطربةٍ شابة، ليقدّمها للشاشة بعد أربع سنوات بأول أدوارها التمثيلية بعمر السبعة عشر عاماً. أدّت الكثير من الأدوار في مختلف ميادين الدراما ولعبت أدواراً جريئة بالموازاة مع محطات شكلت اختبارات حقيقية لطاقاتها كفنّانة عصامية . سمر سامي التي تعدّ التمثيل مهنة الموهبة الحقّة والأمانة بالأداء، حظيت ببطولات لأدوار الخير والشر كأم وابنة وكنة وأرملة ووالدة مستهترة. فكانت (روعة) في (غضب الصحراء)، (حليمة) في (هجرة القلوب إلى القلوب)، (مها) في (جريمة في الذاكرة)، (الزهراء) في (الزير سالم)، الكاتبة (عبلة) في (ذكريات الزمن القادم)، و(أم عمر) في (أحلام كبيرة). لتطل الفنانة القديرة سمر سامي في الموسم الرمضاني لهذه السنة في مسلسل (على قيد الحب) بشخصية “علياء” كساكنة جديدة في المبنى بجعبتها الكثير من الأسرار.
ولم تتوانَ سامي عن دخول السينما من بوابتها الواسعة مشاركة في “بقايا صور” و”حب للحياة” و”أمطار صيفية” و”الكومبارس” و”جليلة” و”الترحال” و”جمال عبد الناصر” و”مطر أيلول”. لتنقش فنانتنا في ذاكرة الأجيال أكثر من مئة شخصية إبداعية شكلت درجات صعودها نحو الألق.
جوائز وتكريمات
“لم أذهب إلى باريس، بل أتتني الجائزة إلى بيتي” هذا ما علقت به الفنانة سمر سامي حين حصلت على جائزة أفضل ممثِلة عن دورها في فيلم “الكومبارس” في “بينالي السينما العربية الثاني” في باريس 1994. ليدعوها لبنان مكرّماً بعد أربعة عشر عاماً عن دورها في مسلسل (ذكريات الزمن القادم)، لتنال فيما بعد جائزة أفضل ممثلة عن دورها بأحلام كبيرة في أدونيا 2004، ألحقتها بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في (سحابة صيف) في جوائز المسلسلات بعد سنوات خمس. كرمت في العام نفسه مع النجم بسام كوسا من قبل منتدى «كنفاني».
يد بيضاء
سمر سامي ليست فنانة وحسب بل روح صافية تتسم بالإنسانية تقطن في بيتٍ متواضعٍ يشبهها، جعلت منه صومعة لتأملها ومأوى لبعض الأسر النازحة عن مدينتها حمص. أسرّت بإحدى مقابلاتها بالقول: (أن تضع نفسك أمام الجائع والمحتاج والمريض، ليس تعاطفاً! وهو ليس بواجب! إنه عمل طبيعي بديهي: أن تأخذ حاجتك وتكون جسراً وعبوراً لحاجات الآخرين).