الحرية – منال الشرع:
لا يخفى على جميع الخبراء والعارفين بعلم الاقتصاد أهمية ودور المشاريع الصغيرة في نهضة وتنمية الاقتصاد الوطني بكافة ظروفه ومراحله، وخاصة بعد الحروب والأزمات. كما ينسب لها الدور الكبير في إنقاذ اقتصادات دول عالمية شهيرة وسرعة تعافي اقتصاداتها وتطورها في أغلب الدول.
تؤمن متطلبات السوق المحلية ومنتجات تصديرية وتعدل الميزان التجاري الخاسر إلى رابح
تنظيم وتنسيق
يبين عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف الزراعية السورية سلمان عبد الله الأحمد في تصريح خاص لصحيفة الحرية، أن المشاريع الصغيرة والمتناهية في الصغر هي حل سحري لأهم المشكلات والأزمات الاقتصادية التي نتعرض لها.
فهذه المشاريع، وخاصة الزراعية منها، تلعب دوراً كبيراً في إعادة تنظيم وتنسيق وتوجيه المدخرات النقدية العامة والخاصة الموجودة بكميات كبيرة بين أفراد المجتمع ضمن مشاريع تنموية، تحقق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي بدلاً من أن تلعب دوراً سلبياً في استمرار تضخم وارتفاع الأسعار بسبب المضاربات الكبيرة في التحويل إلى العملات الصعبة والاحتكار وسمسرة العقارات والسيارات والأراضي.
ويشير الأحمد: إلى أن إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني باتجاه المشاريع الصغيرة بكافة أشكالها، ستحقق دوراً فاعلاً في نهضة وتنمية وتحسين مستوى الاقتصاد الوطني وتحسين الوضع المعيشي للأسرة السورية ورفع مستوى دخلها وتأمين فرص عمل هائلة لتشغيل الخريجين وذوي الدخل المحدود. كما أنها ستساهم بشكل كبير في تأمين متطلبات السوق المحلية وتأمين منتجات تصديرية، وتستطيع أن تعدل الميزان التجاري الخاسر إلى رابح، لأنها تغطي احتياجات المجتمع والأسواق المحلية، فيتحول الاقتصاد إلى التصدير بدل الاستيراد، وهذا ما يؤمن عوائد كبيرة للاقتصاد الوطني وزيادة كبيرة في القطع الأجنبي وتحسين قيمة الليرة السورية.
إلغاء كافة الضرائب والرسوم وتقديم المزايا للمساعدة على تنميتها وتوفير كافة القوانين والتشريعية
وطرح الأحمد أمثلة كثيرة عن حجم الإنتاج الزراعي السوري والعدد الهائل من المشاريع الصغيرة التي يتميز فيها المنتج السوري وحقق فيها شهرة عالمية، مثل منتجات المؤونة السورية بكافة أنواعها، حيث ننتج أكثر من مليون طن من الزيتون، الذي يتحول جزء كبير منه إلى أكثر من ٢٥ صنفاً من أنواع زيتون المائدة، بالإضافة إلى زيت الزيتون، ومليون طن من كافة أنواع الحمضيات، وننتج أكثر من ٥ ملايين طن من الخضراوات والبقوليات التي تتحول إلى مخللات ومعلبات وعدد كبير من المنتجات، بالإضافة إلى إنتاج مليون طن من كافة أنواع الفواكه التي تتحول إلى عصائر ومربيات، وأكثر من ٦٠٠ ألف طن من البطاطا. كما ننتج أكثر من ٤٠٠ ألف طن من البندورة التي تتحول إلى رب البندورة بكميات كبيرة، ولا ننسى الألبان والأجبان منتجات الحليب السوري، الذي يتحول إلى ورشات عمل بكافة المناطق، وغيرها العديد من المنتجات الغذائية والحرفية الإبداعيه السورية.
ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال إلغاء كافة الضرائب والرسوم وتقديم المزايا للمساعدة على تنميتها وتوفير كافة القوانين التشريعية التي تعطي تسهيلات ومزايا للمشاريع الصغيرة في كل ما يتعلق بتنظيمها وتأهيلها وتدريبها وتقديم كافة الخدمات اللازمة، كل ذلك يتطلب منا إعادة هيكلة الاقتصاد السوري لدعم وتشجيع وتحفيز المشاريع الصغيرة.
إنشاء صناديق تمويل خاصة بالمشاريع الصغيرة وتقديم قروض ميسرة من دون فوائد
الاعتماد على الموارد الطبيعية
ويضيف الأحمد: نعم إننا أمام حل سحري وهام جداً لحل معظم الأزمات الاقتصادية الصعبة التي نتعرض لها، وذلك من خلال الاعتماد على مواردنا الطبيعية والموارد البشرية التي تميز الإنسان السوري إن توفرت البيئة المناسبة لإظهارها، والتي يمكنها أن تحول الاقتصاد الوطني إلى خلية نحل مبدعة ومنتجة في حال إعادة هيكلة الاقتصاد والاعتماد على المشاريع الصغيرة.
ويشير الأحمد إلى أن سوريا بأمسّ الحاجة لتوفير بيئة مناسبة للاستثمار في المشاريع الصغيرة، وخاصة الزراعية منها، لأنها الأساس في توليد أعمال لكافة المشاريع الصناعية والحرفية والتجارية والإبداعية بكافة المجالات، ويتم ذلك من خلال إزالة كافة المعوقات وتقديم التسهيلات ووضع الحوافز المناسبة من خلال الإعفاء من كافة الضرائب والرسوم وإعطاء السجل المناسب (التراخيص المؤقتة)، وهي تراخيص مؤقتة لمدة خمس سنوات، تعفى منها كافة الضرائب والرسوم المترتبة على السجلات والتراخيص لحين انطلاق المشروع وتطوره، وهذه الآلية يُعمل بها في أغلب دول العالم الراغبه في نهضة وتنمية وتطوير الاقتصاد الوطني.
تبسيط الإجراءات اللازمة لتسجيل المشاريع والحصول على التراخيص من دون دفع رسوم وتكاليف باهظة ومعطلة لانطلاقتها
مقترحات
ما سبق يتطلب -حسب الأحمد – وضع إستراتيجيات متعددة، تركز على تحسين البيئة الإنتاجية والتسويقية، وتوفير الدعم اللازم لذلك، ويساعد على تحقيق ذلك بعض المقترحات، أولها توفير التمويل بإنشاء صناديق تمويل خاصة بالمشاريع الصغيرة وتقديم قروض ميسرة من دون فوائد، وتقديم تسهيلات في الإقراض، وخاصة التعقيدات الكبيرة في ضمانات الإقراض.
ثانياً: تدريب وتطوير المهارات من خلال تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لأصحاب المشاريع لتعليمهم أسس الإدارة في دراسة الجدوى الاقتصادية، وخاصة الإنتاج والتسويق.
وثالثاً، وهو أهم بند من كل البنود تسهيل الإجراءات القانونية، من خلال تبسيط الإجراءات اللازمة لتسجيل المشاريع والحصول على التراخيص من دون دفع رسوم وتكاليف باهظة ومعطلة لانطلاقتها، وهذا ما يسهل على رواد الأعمال البدء في مشروعاتهم. والانتقال الهام جداً من عقلية الوظيفة في الدولة إلى تأمين دخل الأسرة السورية من خلال المشاريع الصغيرة والمتناهية في الصغر، والتي يمكنها أن تحسن مستوى دخل الأسرة السورية، وتأمين احتياجات المجتمع الذي يزداد فقراً وجوعاً وتحويله من مجتمع مستهلك ينتظر الراتب والسلة الغذائية، ويصبح عالة على الدولة إلى مجتمع منتج يساهم في رفع مستوى الإنتاج الوطني كماً ونوعاً ويحسن القدرة الشرائية للأسرة السورية ويساعد على تطوير الاقتصاد الوطني.
والبند الرابع، يكون بدعم التسويق من خلال توفير منصات تسويقية للمشاريع الصغيرة، سواء عبر الإنترنت أو من خلال المعارض المحلية، لزيادة الوعي بالمنتجات والخدمات.
ونوه الأحمد بأن رفع رسوم التعرفة الجمركية لمدخلات الإنتاج الزراعي هو قرار خطير على الزراعة السورية، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار للكثير من المواد المتعلقة بالإنتاج الزراعي، وبالتالي ترتفع تكاليف المنتجات الزراعية السورية ويؤدي إلى إغراق الأسواق الداخلية بالمستوردات المنافسة، وهو قرار خطير على المنتجين الزراعيين السوريين، ويتسبب في خروجهم من العملية الإنتاجية، مقترحاً إعفاء مدخلات الإنتاج الزراعي من كافة الضرائب والرسوم الجمركية وحمايتها بفرض رسوم عالية على المستوردات المنافسة وتقديم كافة التسهيلات لعودة عجلة الإنتاج الزراعي، لأنه الخطوة الأساسية في عودة تعافي الاقتصاد الوطني.