تنمية الريف

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- علام العبد:

منذ اللحظة الأولى التي امتلك فيها الإنسان فأساً يضرب بها الأرض ليحرث ويبذر ويحصد، وعصا يهشّ بها على غنمه، منذ تلك اللحظة اعتبر الريف أو “الضيعة” إذا صح التعبير، مصدراً للرزق والإنتاج والعيش الكريم، وهو كذلك، حيث يعتمد الجميع وبشكل كلي على الريف وما يجود به من خيرات للمدينة ومن يقطن فيها.
كلنا يعلم أن الريف السوري، ولاسيما الواقع في المحافظات الحدودية لم يكن يحصل على الاهتمام الكافي، وكانت البرامج الموجهة إليه محدودة وضعيفة تقتصر على رصف طريق أو بناء مدرسة أو خزان مياه للشرب أو مركز صحي “مستوصف”، وهذا أضعف الإيمان، وظل هذا الريف وما يضم من قرى نائية لسنوات على هذا الوضع حتى طالته مظاهر العشوائية والبناء المخالف، وغابت عنه الخدمات، والخطط الطموحة والحياة الكريمة، إلى أن جاءت مبادرات الأيادي البيضاء في المجتمع المحلي وبإشراف حكومي لتغيير وجه الريف، وإمداده بالبنية التحتية والخدمات المناسبة، التي تليق بسوريا الجديدة وحجم التنمية الكبير الذي يتم على أراضيها.
معظم السكان الذين يقطنون الريف لهم نصيب كبير من الفقر والحرمان والنسيان وزيادة الاحتياج، هناك حيث يعيش فيه البسطاء من الناس ويمارسون حياتهم اليومية على أنين الحاجة والطلب للخدمة، ولاسيما الطرق التي صارت كالكابوس المؤرق على كاهلهم، ولكن المجتمع بتماسك وتعاضد أبنائه كباراً وصغاراً لا يهاب التحديات ولا يأبى الخضوع والاستسلام للمعاناة، متخذاً من الإصرار والعزيمة بداية انطلاقته نحو التغيير للواقع وتحقيق المستحيل، مؤمناً بحقيقة واقعية مفادها بأن لا تنمية تثمر ما لم تروَ بالمشاركة وعرق الأهالي، ولا نهضة ما لم تشيد على أكتاف وسواعد أهلها.
وعلى هذا النحو، فالطرقات التي رصفت في الريف بالحجارة واستفاد منها المجتمع هناك، لم تكن بالنسبة له مجرد حجارة مرصوصة، حجرة بجانب أخرى على امتداد واسع من مساحة طولية وعرضية من أرض رملية ووعرة يمر عليها الناس والمواشي ووسائل النقل الأخرى وغيرها فحسب، بل كادت تكون سطوراً من أحرف المعاناة تكتب على الأرض وفوق كل حجر مرصوص فيها بقلم الإصرار وحبر العزيمة لأبناء المجتمع الذي لا يقارن، وكانت بحق للسكان المستفيدين منها ومن القرى المجاورة مجرد حلم طال انتظاره بفارغ صبرهم المحمود، وبمثابة حبل إنقاذ ونجاة في مسار حياة انتشل من فم العزلة والفقر والحرمان. .

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار