الحرية – مركزان الخليل :
تطورات متسارعة على الساحة الاقتصادية السورية، وإجراءات كثيرة اتخذتها الحكومة، منها القرارات المتعلقة بتوحيد الرسوم الجمركية لتوفير مساحة واسعة من حرية العمل الاقتصادي، بما ينسجم مع تطورات الاقتصاد الوطني، وبنيته الخدمية المرافقة، والتي جميعها تصب في خدمة التوجه الجديد نحو اقتصاد السوق الحر.
لكن رغم ذلك فالمرحلة الجديدة، تتطلب المزيد من الإجراءات والقرارات المشجعة، التي تتوافق مع متطلباتها الاقتصادية والاجتماعية، وانعكاسها بصورة مباشرة على الحركة الاقتصادية والمعيشية على “الدولة والمواطن” وخاصة توفير البيئة الحاضنة لكثير من الاستثمارات، التي حددت وجهتها الساحة السورية، وخاصة لجهة تأمين خدمات البنية التحتية، وتقديم المزيد من الإعفاءات الضريبية والمالية، وتوحيد آلية الرسوم الجمركية، ونوعية إعفاءاتها، وبالتالي ما قرارا ت وزارة النقل بتوحيد الرسوم الجمركية على جميع المعابر البرية والبحرية، إلا خطوة هامة ومسؤولة، باتجاه إحداث نقلة نوعية في آلية العمل، وترجمتها على الواقع بصورة مباشرة، بحيث تترك آثاراً إيجابية ملموسة على المستوى الاقتصادي والمعيشي للمواطن.
لكن ثمة أسئلة كثيرة تتعلق بمستوى الانعكاس الإيجابي على المستوردات، وعلى الحالة الاقتصادية العامة، الى جانب ما تحدثه من أثر هام لقطع الطريق أمام أهل التهريب في زيادة مساحة مهرباتهم على حساب منتجنا الوطني، والأهم كيفية توفير عناصر الحماية للإنتاج المحلي..؟
خبير: توفير نظام جمركي عادل وشفاف يجفف منابع التهريب ويحمي منتجنا الوطني
بحاجة للتوضيح
وبالتالي ما ذكرناه يحتاج لبعض التوضيح، في ظل ظهور حالة من التشويش على العمل الحكومي من قبل بعض الفعاليات التي تضررت مصالحها مؤخراً بعد إصدار الحكومة للكثير من القرارات التي تهدف لإصلاح البنية الاقتصادية والخدمية والاستثمارية..!
الخبير الاقتصادي الدكتور “عدنان اسماعيل، يقول في معرض رده على أسئلة “الحرية” والمذكورة سابقاً: إن الرسوم الجمركية والمعروفة أيضاً برسوم الاستيراد أو التعرفة الجمركية، تلعب دوراً حاسماً في حماية الصناعات المحلية من المنافسة الأجنبية، حيث تعمل هذه الضريبة المفروضة على البضائع التي تدخل بلد ما بمثابة حاجز يهدف إلى حماية الشركات المحلية من المزايا غير العادلة التي يتمتع بها المصنعون الأجانب.
وفي حين أن الغرض الأساسي من الرسوم الجمركية، هو توليد إيرادات للحكومة، إلا أنه لا يمكن التغاضي عن وظيفتها الثانوية المتمثلة في حماية الصناعات المحلية. فالقاعدة الاقتصادية الأساسية في تحديد العلاقة بين الإنتاج المحلي والإنتاج المستورد هي الرسوم الجمركية فمع ارتفاع الرسوم الجمركية، غالبًا ما ترتفع أسعار السلع المستوردة، ولا يتحقق التحول إلى الإنتاج المحلي إلا إذا جعلت الرسوم الجمركية السلع المحلية الخيار الأرخص، فبدون تحول في الإنتاج، ستؤدي الرسوم الجمركية ببساطة إلى زيادة التكاليف، وتقليص خيارات التوريد، وارتفاع أسعار المستهلكين.
توصيف صحيح
اليوم الواقع الصناعي في سوريا أشبه بمريض خارج من مرض عضال ويحتاج رعاية طبية خاصة، فبعد سنوات من الحصار والعقوبات التي أجبرت الصناعيين على الخروج عن كافة الحدود المعروفة للاستمرار، ومع بدء مرحلة التعافي الاقتصادي في سوريا نحتاج حماية الصناعة الوطنية، ودعم القدرة التنافسية السعرية، ومن خلال فرض تكاليف إضافية على المنتجات الأجنبية، تكتسب الصناعات المحلية ميزة سعرية على نظيراتها في الخارج، وهذا يشجع المستهلكين على اختيار السلع المنتجة محلياً، والأهم دعم الشركات والصناعات المحلية.
حماية الصناعة الناشئة
أيضاً لابد من حماية الصناعات الناشئة، التي تتطلب حماية ضرورية لتنمو وتصبح قادرة على المنافسة في السوق العالمية، وذلك من خلال فرض تعريفات أعلى على السلع المستوردة في هذه القطاعات، تستطيع الحكومة السورية توفير بيئة مواتية لازدهار الصناعات المحلية، تسمح هذه الحماية للشركات المحلية بالحصول على موطئ قدم في السوق، وتطوير قدراتها، والتنافس في نهاية المطاف على قدم المساواة.
تقليل فرص التهريب
وبالتالي من أبواب الحماية في رأي “اسماعيل ” أن توحيد الرسوم الجمركية يقلل من فرص التهريب عبر تبسيط وتوحيد الإجراءات، ما يجعل مراقبة دخول البضائع أسهل ويقلل من احتمالات التحايل، هذا التوحيد يحد من الفساد الإداري ويخلق بيئة تنافسية عادلة، ويزيد من شفافية حركة البضائع، ما يقضي على الأسباب الرئيسية للتهريب مثل اختلاف التعريفات الجمركية بين المنافذ، ويؤدي توحيد التعريفات الجمركية إلى جعل إجراءات التخليص الجمركي أكثر بساطة وشفافية، ما يقلل من الفرص المتاحة للمهربين للتحايل على القوانين.
فعندما تختلف الرسوم الجمركية من منفذ حدودي إلى آخر، ومن بند جمركي لآخر، يصبح المهربون قادرين على استغلال هذه التفاوتات لتحقيق مكاسب غير مشروعة، و توحيدها يزيل هذا الدافع الرئيسي للتهريب.
بيئة استثمارية عادلة
ويرى الخبير الاقتصادي” إسماعيل” أن توحيد الرسوم يوفر بيئة استثمارية، أكثر عدلاً واستقرارًا، حيث تتساوى المنافسة بين جميع المستوردين، والشركات التي تلتزم بالقوانين، الأمر الذي يقلل من جاذبية النشاط التهريبي، وتصبح مراقبة حركة البضائع عبر الحدود أسهل، وأكثر فعالية عندما تكون الرسوم موحدة، و يسهل ذلك على السلطات الجمركية اكتشاف الحالات المشبوهة وتحديد البضائع المهربة..
كما يقلل توحيد الإجراءات والتعريفات من الاحتكاك بالعنصر البشري في العمليات الجمركية، ما يحد من فرص الفساد الإداري ويقلل من استغلال الموظفين لعملهم في تسهيل التهريب.
باختصار شديد توحيد الرسوم الجمركية يهدف إلى توفير نظام جمركي عادل وشفاف، ما يقلل من العوامل التي تشجع على التهريب ويجعل اكتشافه ومواجهته أكثر سهولة وفعالية.