جمعية الصخرة في دمشق.. نولٌ وصناعات يدوية لإحياء تراث المدينة

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – حسيبة صالح:

في زقاقٍ من أزقة دمشق القديمة، حيث تتماوج رائحة الياسمين مع صدى النول اليدوي، تنسج جمعية الصخرة قصة وفاء لتراث المدينة من البروكار الدمشقي مكللة بالشمع الطبيعي والصابون ، في محاولة جادة لإحياء الصناعات اليدوية التي كادت تندثر.

ذاكرة مدينة

أعادت الجمعية ترميم النول اليدوي الوحيد المتبقي في دمشق، ليعود إلى العمل بإشراف الحرفي محمد الشمّاع، الذي عبّر عن امتنانه لهذا المشروع لصحيفة الحرية بالقول: “أعمل في صناعة البروكار منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وكنت أظن أن هذه المهنة ستنقرض سريعاً، لكن عندما طلبت مني جمعية الصخرة أن أُعيد تشغيل النول اليدوي، شعرت أنني أُرجع النبض إلى قلب المدينة.. هذا النول ليس مجرد آلة، بل هو ذاكرة، وهوية، وتاريخ. كل خيط أمدّه، وكل نقشة أنسجها، تحمل في طياتها حكاية دمشقية.”ويؤكد الشماع في تصريحه أهمية الحفاظ على صناعة البروكار من خلال تصنيع أنوال بديوية وتعليم مهنين هذه الصناعة خوفاً من اندثارها.
أما ديانا نجار، خريجة علوم سياسية، والتي تجمع بين حبها للحرف اليدوية وعشقها للأنتيكا. فقد قادها شغفها بتفاصيل التراث الدمشقي الأصيل للعمل في جمعية “الصخرة “، حيث تقود قسم البروكار والخياطة، مؤكدة أن الأصالة والعصرية تتناغم في إبداعتها.
وتشير نجار إلى أن جمعية “الصخرة” استوحت اسمها من الآية الإنجيلية: “أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي”، حيث تمثل الصخرة رمزًا للثبات والقوة. فكما تحمل الصخرة الجبروت وتقاوم الزمن، تسعى الجمعية لتحقيق أهدافها بإصرار وعزيمة، مؤمنةً بأن القوة والصمود هما السبيل للوصول إلى النجاح وتحقيق رسالتها السامية.
وتؤكد نجار حرص الصخرة على الحفاظ على التراث الحضاري والهوية الثقافية من خلال تقديم البروكار بأسلوب معاصر يروي تاريخه العريق. مضيفة بالقول: “لا نقدمه فقط بشكل تقليدي، بل نبتكر تصاميم عملية تتيح للجميع امتلاك هذه القطع الفنية الغنية بقيمتها وجمالها. فالبروكار ليس مجرد نسيج فاخر بقيمته الشرائية، بل يحمل في طياته إرثًا ثقافيًا يعكس حضارة سوريا وأصالتها، ما يجعله ثروة معنوية تتجاوز حدود الزمن”.
وتردف نجار : “إلى جانب النول، أُنشأت جمعية الصخرة ورشة خياطة لإنتاج قطع فنية، ولم تقتصر جهود الجمعية على النسيج، بل امتدت إلى صناعة الصابون اليدوي من أنقى الزيوت الطبيعية، مثل زيت الزيتون والغار، مع إضافة أعشاب وعطور طبيعية للحفاظ على نقاء البشرة وجمال الشعر.”
أطلقت الجمعية مشروعًا لصناعة الشمع المعطر، باستخدام مكونات طبيعية وآمنة، ليُستخدم في الزينة أو الطقوس التقليدية، ويُباع ضمن معارض محلية. كما تقدّم دورات تدريبية في هذه الحرف، مستهدفة النساء والشباب، وتسعى لدمج التراث بالحياة الاقتصادية المعاصرة، عبر التسويق المحلي وعبر الإنترنت.
في زمن تغزوه العولمة والتكنولوجيا، تؤكد جمعية الصخرة أن التراث الدمشقي لا يزال ينبض بخيوط البروكار وقطرات الصابون العطري، وأن الحفاظ عليه هو فعل حب وهوية.

Leave a Comment
آخر الأخبار