جيّد لكنه ينطوي على مخاطر كبيرة.. قرار إعادة مبالغ التأمين إلى حسابات المستوردين بالليرة خسارة للتجار ويفقد الثقة بالنظام المصرفي 

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرّية – هبا علي أحمد:

أصدر مصرف سورية المركزي مؤخراً قراراً يُلزم المصارف العاملة في سوريا بإعادة مبالغ التأمين بالليرة السورية إلى حسابات المستوردين المفتوحة لديها بالليرة السورية، ما لم يكن اسم المستورد مُدرج ضمن قوائم مخالفي أنظمة القطع الأجنبي المُعمّمة من قبل مصرف سوريا المركزي..

ليُطرح بعدها التساؤل حول هذا القرار وهل يخدم رأس المال أم يرتد سلباً عليه؟

خسارة صافية

لا ينظر المستشار و الخبير الاقتصادي- رئيس مجلس النهضة السوري عامر ديب إلى قرار المركزي بعين المتفائل ولاسيما في ظل غياب المعلومات التنفيذية الخاصة بالقرار، إذ يرى أن إعادة الأموال بالليرة رغم إيداعها بالدولار خسارة صافية للتجار، فعندما يُجبر التاجر على استرجاع أمواله بالليرة السورية، بينما كان قد أودعها أو موّلها بسعر صرف دولار غير مدعوم، فهو يتكبّد خسارة كبيرة، خاصة إذا كان قد اشترى الدولار من السوق السوداء بسعر أعلى أو تم تثبيت السعر عند تقديم الطلب، ثم تغيّر لاحقاً بفارق كبير، وبالتالي هذا يؤدي إلى فقدان الثقة بالمنصة وبالنظام المصرفي عموماً، لأن التاجر يشعر أن أمواله «تبخّرت» دون أن يستلم البضاعة ولا قيمة تمويله الحقيقية.

إعادة الأموال بالليرة في غير وقتها تعني فعلياً خسارة رأسمال ويدفع التجار للعزوف عن التمويل الرسمي ويؤدي إلى تراجع في حجم الاستيراد الرسمي وازدهار التهريب

ويُضيف ديب في حديثه لـ«الحرّية» إنّ تذبذب سعر الصرف هو التحدي الأكبر للقرار، ورغم أنه صحيح من جهة لناحية فرض نوع من الاستقرار النقدي حتى يكون عادلاً، لكن في سوريا الفجوة كبيرة بين السعر الرسمي والسوق الموازية، والتذبذب حاد ويومي، ما يعني أن إعادة الأموال بالليرة «في غير وقتها» تعني فعلياً خسارة رأسمال، وبالتالي هذا يدفع التجار للعزوف عن التمويل الرسمي أو الدخول في مخاطرة مفتوحة، ويؤدي لتراجع في حجم الاستيراد الرسمي وازدهار التهريب.

ما جدوى المنصة؟

ولفت ديب إلى نقطة إستراتيجية دقيقة تتعلق بمنصة تمويل المستوردات، مُتسائلاً: مع رفع العقوبات عن سوريا، ما جدوى المنصة؟.. ويجيب: رفع العقوبات، ولو جزئياً، وخاصة عن القطاع المالي والمصرفي، يجعل القنوات غير الرسمية أقل ضرورة، ويتيح للتجار التحويل والاستيراد عبر طرق مصرفية نظامية (SWIFT، بنوك وسيطة…) خصوصاً من الإمارات وتركيا وحتى العراق، وبالتالي فالمنصة باتت عائقاً وليست أداة حماية، لأنها: بطيئة، تحدّ من حرّية التاجر، أضف إلى ذلك أنها تفرض عليه آليات تسعير غير واقعية.

القرار جيد لأنه يهدف لضبط التمويل ومنع التلاعب لكن من حيث الواقع فهو يحمل مخاطر كبيرة لأنه يفرض منطقاً نقدياً في بيئة غير مستقرة

جيّد ولكن!

وأوضح ديب أن قرار المركزي من حيث النية جيّد لأنه يهدف لضبط التمويل ومنع التلاعب، لكن من حيث الواقع فهو يحمل مخاطر كبيرة من حيث إنه يفرض منطقاً نقدياً في بيئة غير مستقرة، يتجاهل تغيّر المعطيات السياسية (مثل رفع العقوبات) ولا يوفّر تعويضاً عادلاً عن الفروقات بين الليرة والدولار، مُعيداً التأكيد أن وجود منصة المستوردات أصبح غير مجدٍ وإعادة الأموال للناس بالليرة السورية خاصة التجار التي أودعت قيمة المستوردات بالدولار ستؤدي إلى خسائر.

رفع العقوبات ولو جزئياً وخاصة عن القطاع المالي والمصرفي يجعل القنوات غير الرسمية أقل ضرورة

وختم ديب بالقول: ماسبق ذكره يتوقف على التعليمات التنفيذية للقرار _ لم تصدر حتى تاريخ إعداد المادة- مُقترحاً أن تكون هناك تعليمات واضحة في هذا السياق من حيث كيف سيدفع المستورد، هل سيدفع عن طريق الكاش وهو خيار جيد، أو حوالة بنكية وبالتالي قد يتعرض المواطن أو صاحب المال إلى قنوات وإلى سمسارات وسوق موازٍ تؤدي إلى إفراجه عن أمواله؟

Leave a Comment
آخر الأخبار
‏«أورورا».. مشروع أمريكي لتهجير الفلسطينيين من غزة تحت غطاء «المساعدات ‏الإنسانية»‏ تباينات صارخة في الميزان التجاري بين سورية والأردن.. خبراء يفسّرون و آخرون يقترحون إجراءات لتصحيح ال... حرائق ريف اللاذقية تتسع.. والدفاع المدني يصف الوضع بالأخطر منذ سنوات "حبوب حمص" تستأنف تسويق القمح ثلاثة أيام إضافية المالية تصدر التعليمات التنفيذية لصرف الزيادة 200% على الرواتب .. الزيادة لا تؤثر على القدم المؤهل ل... إلغاء العمل بالبطاقة الذكية بدأ في طرطوس.. أسطوانة غاز عند الحاجة من دون التقيد بكمية أو مدة زمنية م... الفنان والإعلامي د. عبد القادر المنلا.. دعوة لتعميق الوعي الثقافي ونداء للمغتربين: لا تنتظروا حتى تس... لم تشهد مثلها سوريا منذ ربع قرن.. أكثر من ٧٠ ألف دونم من الغابات طالتها حرائق ريف اللاذقية سان جيرمان يتأهل لنصف نهائي مونديال الندية.. وإصابة خطيرة للاعب البايرن موسيالا نبض الوطن في ساحات التجديد والعُقاب الذهبي يحلّق بحلته الجديدة.. سوريا تشرق بهوية بصرية جديدة من "رم...