الحرية- ناظم عيد – رئيس التحرير:
لايجوز.. ولا يقبل السوريون الشرفاء، بأن تتحوّل بلادهم إلى “حقل تجارب” لمشروعاتٍ وطموحاتٍ متضاربةٍ ومتنازعةٍ لدولٍ كثيرةٍ كبرى وصغرى، أدمنت الكباش والتنازع في بؤر توتّر كثيرة في هذا العالم، لتكون سوريا المحطة الراهنة أو الوجهة المستقبلية لإلقاء أوزار الصراعات على أرضها.
وإن كان كل طرف يسعى لتعزيز و تعويم مشروعه، فعلى كل سوري اليوم – بلا استثناء – أن يسأل: ماذا عن المشروع السوري؟ ماذا عن سوريا الدولة الوطنيّة التي يحلم بها الجميع بعد عقود من الحالة الشمولية و وطأة ثقل النموذج الديكتاتوري الذي أرّق البلاد والعباد؟
لا نظنّ أن التداولات العالمية بشأن المسألة السورية الراهنة، تبدو مطمئنة لأي عاقل في هذا البلد الذي ينزف نزيفاّ مزمناً، لأن على الجميع هنا في الداخل السوري أن يثق بأن لا قوة ولا سلطة في هذا العالم تسعى لمصلحته إلا الدولة السورية ذاتها وليس إلّا هي، وهذه من المُسلّمات التي لا يقبل العقل سواها.. ونتحدث عن عقول لا غرائز ولا عواطف، لأن الغرائز هدّامة دوماً والعواطف لا تبني أوطاناً.
وعلي سيرة العقل.. نجزم بأن بلدنا سوريا زاخرةٌ وزاخرةٌ جداً بأصحاب العقول الراجحة، والنخب العلمية والثقافية، التي امتلكت ناصية الاحتكام دوماً إلى الحوار العاقل حتى مع الذات، كما نجزم بأن المنزلقين في مزالق الإيحاءات الغريزية هم قلّة وإن علت أصواتهم ومهما أحدثوا من الجلبة، ومنطق الأشياء في هذا الكون كما التجارب على مرّ العصور، ومثلها أدبيات التراث النقي، كلها تؤكد أن مخرجات العقل النظيف هي التي تنتصر وترسخ وتلقى القبول والتوافق المجتمعي.
ماجرى في بعض مناطق سوريا لم تقبله الإدارة العليا في الدولة السورية، بكل تجاذباته وتفاصيله ومجرياته، وقد حسم الرئيس الشرع الموقف الرسمي – موقف الدولة – ببيان دولة وقرار دولة، بتشكيل لجنة حكماء و قانونيين لتقصّي الحقائق.. وهو قرار يفترض أن يسكت كل جدل و جدال خارجي حول الشأن السوري، فاللجنة ستخرج بتقرير وافٍ سيفضي إلى معالجات منصفة تتبناها الدولة السورية وليس سواها.. ومن أدبيات القضاء المكتوبة في كل دول العالم، ألا يتم الحديث و البت المسبق بالقضايا المنظورة أمام المحاكم أو اللجان القضائية، وعلى الأرجح هذه حقيقةٌ ليست بخافيةٍ على كل طرف داخلي أو خارجي يمعن في تأجيج الموقف ويصب الزيت على نارٍ تسعى سوريا الدولة بكل مؤسساتها و نخبها و عقلائها إلى إخمادها.
فكل العقلاء وكل مواطن سوري منتمٍّ بصدقٍ، ينتظر ويترقب ويستعد لانطلاق عجلة البناء والإعمار على قاعدة الاستقرار.. وكل هؤلاء على يقين بأن ذلك لن يحققه إلا الدولة السورية.
أما أن يلهو المسكونون بنزعات الانفصال واستحضار الوصاية وممارسات إضعاف الدولة – أياً كانوا- فهذا مالا يقبله سوري ولن يكون “عملة رائجة” أو قابلة للتداول.
السوريون قادرون على إدارة بلادهم الموحدة بأنفسهم، ولديهم من الكفاءات مايكفي ويزيد للتصدير إلى من تنقصهم الكفاءات.. وأي سرديات في غير اتجاه ستكون ضرباً من مساعي تقويض مشروع الدولة الوطنية السورية.
لنطوِ جميعاً صفحات الماضي الأليم، ولننظر إلى المستقبل بخياراته الزاهية، وهذا ليس سرداً إنشائياً، ففي سوريا الدولة تنوعٌ بالغ الروعة في كل شيء – بما فيه الموارد – سيكون نقطة القوة الراسخة لبناء الدولة الموحدة، وهو الميزة المطلقة التي علينا استثمارها وصيانتها والحرص عليها بقلوبنا وعقولنا جميعاً.
بالمختصر وبالعامية وبلسان كل عقلاء سوريا .. “اتركونا بحالنا بدنا نشتغل ونعمر” .. ومشاكلنا ليست مطروحة للحل بمساعدة صديق أو استثمار عدو.