الحرية – بشرى سمير:
في عالم تزدحم رموزه بالدلالات الثقافية والاجتماعية، تبرز ظاهرة دمية (اللابوبو ) كواحدة من تلك الرموز التي تجمع بين التاريخ العميق والرمزية الثرية، لتصبح محط أنظار الجماهير وموضوعاً للتهافت الجماعي، وفي العصر الرقمي تتحول الرموز إلى “تريندات” ثقافية.
عندما يظهر المشاهير أو المؤثرون وهم يعرضون دمية اللابوبو”، والتي هي أرنب صغير لتتحول إلى رمز للأناقة الثقافية، ما يدفع الجمهور لتقليدهم خوفاً من الانعزال عن التيار السائد والموضة المعاصرة، وتعدُّ رمزاً للتميّز والتجديد في عالم الموضة والإكسسوارات، إذ تحوّلت من مجرد دمية إلى عنصر أساسي في الإطلالة العصرية.
ووصلت هذه الصيحة إلى العالم العربي بشكل سريع ولاحظنا عدداً كبيراً من النجمات و(الفاشينيستات) تتبناها، وباتت هذه الدمية تزين حقائب الفتيات والشباب والإكسسورات التزيينية وتحولت هذه الدمية إلى سلعة استثمارية مرتفعة الثمن إذ وصل سعرها في بعض الدول العربية إلى 80 دولاراً خاصة بعد أن ارتبطت بأسواق المقتنيات النادرة، قد يشتريها البعض كنوع من الادخار، متوقعين أن تزداد أهميتها المادية مع الوقت.
وتشير السيدة عبير إلى أن ابنتها رأت عبر مواقع التواصل الاجتماعي الإقبال على هذه الدمية وأرادات اقتناء واحدة لتزين بها حقيبتها المدرسية، لافتة إلى أنها بحثت عنها في كل المحال التجارية ومراكز البيع الكبيرة والمولات إلّا أنها لم تجدها ما اضطرها إلى طلبها عبر النت ودفع ثمنٍ باهظ لقاء اقتنائها.
وأشار محمد القربي تاجر ألعاب إلى أن دمية “لابوبو” (Labubu) هي شخصية فنية ظهرت لأول مرة عام 2015 ضمن سلسلة القصص المصورة التي ابتكرها أحد الفنانين الفيلبينيين، وتتميز هذه الدمية بتصميمها الفريد الذي يجمع بين اللطافة والغرابة، حيث تمتلك ملامح غير تقليدية تجمع بين البراءة والشيطنة، ما يجعلها محببة ومزعجة في آنٍ واحد.
وأضاف في السنوات الأخيرة، أصبحت دمية (لابوبو) رمزًا عصريًا في عالم الموضة والثقافة الشعبية، حيث ظهرت في العديد من الإطلالات والمنتجات، مثل الحقائب والإكسسوارات وانتشرت بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي مثل الانستغرام والتوتك .
وأشار الى انه بالنسبة لتوفرها في سوريا، لا توجد معلومات محددة حول وجود دمية “لابوبو” في الأسواق السورية ومع ذلك، يمكن أن تتوفر عبر المتاجر الإلكترونية أو من خلال وسطاء الشراء من الخارج وتحمل فرق الأسعار وتكاليف الشحن.
مستبعداً أن تكون موجودة في الأسواق المحلية بسبب ارتفاع أسعارها ورغم أن هناك طلب كبير عليها من قبل الفتيات الشابات دون معرفة هويتها ورمزيتها
وتشير الموجهة التربوية علياء رهونجي إلى أن هذه الدمية تمتلك قوة عاطفية، فهي تلامس مشاعر الفخر الوطني أو الحنين إلى الماضي لدى الفلبين والغريب أن يهتم بها كل العالم ويتهافتون لاقتنائها لكونها باتت رمزاً من رموز المقاومة.
وأضافت يعود أصل مصطلح “لابوبو” إلى البطل الفلبيني لابو-لابو، الزعيم القبلي الذي قاد مقاومة شرسة ضد الغزو الإسباني في معركة ماكتان ، حيث هزم أعداءه وأصبح لابو-لابو رمزًا للكبرياء الوطني والمقاومة في الفلبين، وتحولت فيما بعد إلى مفهوم ثقافي أوسع ارتبط بفكرة “المقاومة والوحدة في مواجهة التحديات، سواء في التاريخ القديم أو في السياقات المعاصرة، حيث تُستخدم كرمز للتمسك بالهوية في مختلف المجتمعات التي تعاني من التغيرات العالمية السريعة وباتت تحمل رسالة أمل للأجيال الجديدة بأن التضحية والإصرار هما مفتاح التحرر.
وأوضحت رهونجي بأن عالمنا العربي مليء بالرموز التاريخية والعربية التي نعتز بها وعلى الأهل عدم الانجرار وراء رغبات أولادهم في اقتناء ما هو غريب عن مجتمعنا العربي لمجرد أنها موضة أو “ترند” مؤكدة بأن “الصرعات والموضات” لا تتوقف ويجب غرس القيم المجتمعية والأخلاقية النبيلة في نفوس الأبناء بعيداً عن الأمور المادية والاستهلاكية.