الحرية- سامي عيسى:
كل الوصوف تنطبق على أسواقنا المحلية وما يحدث فيها، وتحمل كل العبارات وفق رؤية كل متابع، فهي “خلطة سحرية” تجد فيها كل شيء، وتعالج كل حالات النقص، وبالوقت نفسه تجد فيها صعوبة الحصول على هذه الأشياء…!
تتوافر فيها كل أسباب ومقومات المعيشة، إلا أنها في غالبية الأحيان صعبة المنال، لكثير من العائلات تشكل شريحة واسعة من المجتمع، لأسباب كثيرة يعلمها القاصي والداني، أهمها تدني الدخل الى مستويات لم تعد مقبولة، في كل المعايير الاجتماعية والإنسانية وقبلها الاقتصادية..!
وهذه الخلطة وما يتبعها من نتائج، ليست وليدة هذه الأيام، بل تذهب ببعديها الاجتماعي والاقتصادي الى العهد البائد، حيث كانت الأسواق تفيض بالسلع والمنتجات، إلا أنها مرتفعة السعر، والمواطن غير قادر على الشراء ومقولة “ما في مصاري” حاضرة على لسان الجميع..!
واليوم خلاف ذلك، فالسلع متوافرة في الأسواق وبغزارة، وبأسعار رخيصة جداً، والمنتجات تغمر أسواقنا المحلية من كل “حدب وصوب”، لكن للأسف الشديد المقولة ذاتها يرددها لسان الجميع “ما في مصاري”. ألم نقل أن ما يحدث في أسواقنا خلطة عجيبة انقلبت فيها غالبية الموازين؟ وهذه تداعيات لا بد من حصولها في حالة الانتقال من مكان لآخر، فكيف هو الحال توجه اقتصاد من موقع لآخر..؟
وبالتالي ما يحدث من حالات اضطراب وبعض الفوضى، في الأسواق سواء لجهة كثرة العرض في السلع، أو تذبذب أسعارها واختلافها من تاجر لآخر، والأهم تنوع القوة الشرائية، التي تتركز أغلبها في فئة قليلة من الشعب، ما ساعد في انتشار البسطات التجارية، إلى جانب فتح الأسواق على مصراعيها، أمام منتجات سيئة الجودة ورخيصة السعر، وحتى هذه القوة الشرائية عاجزة أمامها، بسبب التغيير في الحالة الاجتماعية والاقتصادية، وما تبعها من تدن كبير في مستويات معيشة المواطنين، نتيجة جملة الإجراءات والسياسات السابقة، التي بلغت بمجتمعنا الى هذا المستوى، وتدهور قوته الشرائية، والوصول إلى آلاف مؤلفة من العمال خارج ميدان العمل، دون أن ننسى ظروف الحرب والعقوبات الاقتصادية، التي فتكت بالجسم الاقتصادي والاجتماعي السوري خلال السنوات الماضية وما زالت، فكانت السبب الأكبر في حصول “الخلطة السحرية” لأسواقنا المحلية..!
وبالتالي معالجة ذلك يحتاج لكثير من الإجراءات على أرض الواقع، من شأنها توجيه البوصلة نحو تعزيز قوة الإنتاج الوطني، باعتبارها الضامن الوحيد لعملية الاستقرار، وفك رموز الخلطة ومعالجتها واحدة تلوى الأخرى، وبهذه الحالة تتحمل الحكومة بكل أقطابها، توجيه بوصلة العمل لدعم مكونات المنتج المحلي، وتأمين حاجاتها الأساسية، والاستغناء ما أمكن عن المستورد الذي يشكل الخطر الأكبر على الخزينة العامة، واستنزاف مواردها من القطع الأجنبي وغيره، إلى جانب معالجة مواقع الفساد، من خلال اعتماد رؤية واضحة تتجه بكليتها نحو تعزيز قوة الإنتاج والإنتاجية الوطنية، التي تعتمد المنافسة والبقاء في الأسواق بقوة السعر والجودة.
وبالتالي السؤال هنا، هل سنشهد تحقيق هذه الصورة خلال الأيام المقبلة، في ظل ما يحدث من تبعات سلبية للخلطة السحرية التي تعيش بها أسواقنا اليوم..؟!
خلطة سحرية..!

Leave a Comment
Leave a Comment