الحرية_ لمى سليمان
توقع الخبير المالي والمصرفي د. عبدالله قزّاز أن إلغاء قانون قيصر سيؤدي إلى تحسن تدريجي في قيمة الليرة السورية، ومن المرجح أن تعود الثقة تدريجياً لليرة السورية، ما قد يساهم في كبح جماح التضخم، وخفض أسعار السلع المستوردة والمحلية (ولا ننسى أن رفع العقوبات تزامن مع اقتراب إصدار الليرة السورية الجديدة والتي سوف تكون خالية من العقوبات).
وبناء على ما سبق فإنه ومن المتوقع، بحسب د.قزاز في تصريحه لـ”الحرية”، أن تزداد رغبة المستثمرين (خصوصاً من دول الخليج أو الشركات الإقليمية) في دخول السوق السورية، خاصة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية، ما يخلق فرص عمل ويحرك عجلة الاقتصاد. بالإضافة لدخول رؤوس أموال أجنبية ومساعدات تنموية قد يساعد في إعادة بناء المستشفيات، المدارس، وشبكات الكهرباء والمياه، ودخول شركات في مختلف المجالات وفتح فروع لعشرات المصارف العربية والعالمية، وهو ما ينعكس إيجاباً على حياة المواطنين.
ويؤكد د. قزّاز أنه في حال تحسن الوضع الاقتصادي والمعيشي، فإن بعض السوريين في الخارج قد يفكرون بالعودة، ما يساهم في تخفيف الضغط عن دول اللجوء وزيادة أعداد اللاجئين العائدين إلى سوريا والذين سيكون لهم إسهام مباشر في إعادة الإعمار لما يحملونه من خبرات ومهارات اكتسبوها في دول اللجوء.
وتبرز أهمية إلغاء عقوبات قيصر، كما يشرح د.قزّاز، في أنّ هذه العقوبات قد ضيّقت الخناق على الاقتصاد السوري المنهك أصلاً بسبب الحرب، وأدت إلى تراجع القدرة الشرائية، وانهيار العملة، وزيادة أسعار المواد الأساسية بشكل جنوني في عهد النظام البائد.
وبعد سقوط النظام البائد أصبحت هذه العقوبات تطول عامة السوريين في الداخل، خصوصاً الطبقات الفقيرة، كما أنّ قانون عقوبات قيصر يمنع أي شركة أو مستثمر من دخول مشاريع إعادة الإعمار خشية الوقوع تحت طائلة العقوبات، وهذا عرقل بشكل كبير أي إمكانية لإعادة تأهيل البنية التحتية، ما يؤخر تعافي سوريا اقتصادياً واجتماعياً.
د.قزاز: من المرجح أن تعود الثقة التدريجية لـ الليرة و كبح التضخم
ويتابع د. قزاز مبيناً أنه ورغم الاستثناءات الإنسانية النظرية التي يتضمنها قانون قيصر، إلا أن الواقع الإداري والتخوف من التعامل مع المصارف السورية أو الجهات الحكومية جعل المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية تواجه عراقيل كبيرة في إيصال المساعدات (وخصوصاً أنه بعد التحرير أصبحت هذه المنظمات لديها سهولة حركة أكبر داخل الأراضي السورية ولكنها كانت تنتظر قرار رفع العقوبات).
وفي ظل تحركات عربية وإقليمية لإعادة سوريا إلى الحظيرة العربية، بما في ذلك استئناف العلاقات مع دول مثل السعودية والإمارات، فإن رفع العقوبات الأمريكية يبدو متوافقاً مع المزاج السياسي الجديد في المنطقة والداعم لاستقرار سوريا سياسياً واقتصادياً ما يمهد لسلام شامل في الشرق الأوسط يتضمن سوريا.
وقد أدى تطبيق قانون قيصر خلال السنوات الماضية إلى زيادة معاناة الشعب السوري، وعرقلة أي فرصة للتعافي الاقتصادي. وإنّ إلغاء هذه العقوبات اليوم هو فرصة للقيادة السورية لإثبات حسن نواياها وتنفيذ الإصلاحات، وفرصة للشعب السوري ليثبت أنه شعب جبار قادر على العطاء والبناء والتقدم وتحقيق الإزدهار، وهو خطوة عقلانية وإنسانية لوقف الانهيار الكامل لسوريا كدولة ومجتمع، ولإعطاء فرصة للشعب السوري الذي عانى وسط حصار داخلي وخارجي كي يبدأ استعادة حياته بحرية وكرامة.