الحرية – وداد محفوض:
تُعدّ خطوة تشكيل اللجنة الوطنية للاستيراد والتصدير في سوريا، نقلة نوعية هامة تهدف إلى معالجة الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها البلد نتيجة سنوات الحرب، والتي جاءت بموجب المرسوم رقم 263، لتكون بمثابة نقطة تحول في كيفية إدارة التجارة الخارجية وتنظيم حركة السلع عبر الحدود، فهل تكون حلاً لأزمات الاقتصاد في سوريا؟
الدكتورة هنادي درويش، الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد بجامعة طرطوس، في حديث لصحيفة “الحرية”، تطرقت إلى دور اللجنة في معالجة هذه الأزمات، وأن تشكيلها يمثل فرصة كبيرة للحد من التحديات الاقتصادية التي تمر بها سوريا، كونها تهدف إلى ضبط حركة التجارة وتنظيم عمليات الاستيراد والتصدير بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي المحلي.

وأكدت د.درويش أن اللجنة تتولى مسؤولية تدقيق السلع المسموح بتصديرها واستيرادها، وهو ما يساهم في ضمان تلبية هذه السلع لاحتياجات السوق المحلية ويسهم في استقرار الاقتصاد، كما تعمل على ضبط أسعار السلع الأساسية وتحسين مستوى التجارة الخارجية، بالإضافة إلى دعم السلع الاستراتيجية التي يحتاجها المواطن السوري بشكل مستمر، وهي بذلك تسعى إلى التأكد من أن السلع الضرورية متوفرة في الأسواق المحلية، بينما تدعم الصادرات السورية من أجل تحقيق إيرادات بالعملة الأجنبية.
من جانب آخر، ركزت د.درويش على أهمية دعم المستثمرين المحليين وحل المشكلات التي قد تواجههم، لأن ذلك سيسهم في توفير السلع المطلوبة بجودة عالية وتزويد الأسواق المحلية بما يحتاجه المواطن، كما أكدت على ضرورة تعزيز القدرة التنافسية للسلع السورية في الأسواق العالمية، بما يساهم في تحسين الإيرادات من العملة الصعبة للبلد، ويُساعد في رفع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي.
وأوضحت د.درويش أن اللجنة ستسهم في تحقيق توازن بين تلبية احتياجات السوق المحلية ودعم الصادرات، مما سيعزز الاقتصاد السوري ويحقق نمواً اقتصادياً جيداً إذا ما نجحت في تنفيذ استراتيجياتها، مشيرةً إلى ضرورة مراقبة الوضع الاقتصادي المحلي بشكل دائم، وتحليل الطلب على السلع لتفادي أي تأثيرات سلبية على السوق بشكل عام.
وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة هنادة على أهمية تقديم الدعم للسلع الاستراتيجية الهامة التي لا يمكن للمواطن الاستغناء عنها، مثل المواد الغذائية والمنتجات الأساسية، وضمان استقرار أسعارها المحلي.
وفيما يتعلق بتشكيل اللجنة نفسها، أشارت د.درويش إلى أن اللجنة تضم مجموعة من المسؤولين المعنيين بالشأن الاقتصادي في البلاد، مثل رئيس الهيئة العامة للمنافذ والجمارك ووزراء الاقتصاد والزراعة والإدارة المحلية، بالإضافة إلى المدير العام للجمارك، ومن خلال التنسيق بين هذه الجهات المختلفة، تسعى اللجنة إلى وضع رؤية موحدة لتوجيه التجارة الخارجية وتنظيم حركة السلع بما يتناسب مع احتياجات الاقتصاد السوري.
وأخذ الإجراءات لمنع تصدير السلع الاستراتيجية مثل زيت الزيتون والأغنام إلا في حال تجاوز حاجتها للسوق المحلية، مع ضرورة منح امتيازات ضريبية للمصدرين المحليين لزيادة إنتاجهم وتحسين جودة السلع المصدرة، خصوصاً في الصناعات التحويلية مثل الأغذية والمشروبات والأدوية والنسيج.
وطالبت د.درويش اللجنة بمنع استيراد السلع الكمالية والآلات المستعملة أو المواد الأولية التي لا تلتزم بالمواصفات الصحية أو الجودة المطلوبة، لأن هذه التدابير الهدف منها تحقيق توازن بين الحاجة إلى تأمين السلع للسوق المحلية وبين القدرة على تصدير الفائض إلى الخارج، ما يساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي ويزيد من الإيرادات من العملة الأجنبية، كما أن دعم الصناعات المحلية وزيادة قدرة المنتجات السورية على المنافسة في الأسواق العالمية ستكون له آثار إيجابية على الاقتصاد السوري بشكل عام، في حين أن تحسين سعر صرف الليرة السورية سيكون له تأثير مباشر في تقوية قدرة الاقتصاد على مواجهة التحديات المستمرة.
درويش ختمت حديثها بالتأكيد على أن اللجنة، إذا نجحت في تحقيق أهدافها، ستكون قادرة على إحداث تغيير كبير في الوضع الاقتصادي في سوريا، خاصة إذا توافرت الإرادة والدعم لهذه اللجنة بمختلف الموارد اللازمة لتنفيذ استراتيجياتها بفعالية.